يؤمر» ، فقال أبو هريرة : فقلت : يا رسول الله ، وما الصّور؟ قال : «قرن» ، قلت : وكيف هو؟ قال : «عظيم ، والذي نفسي بيده ، إنّ عظم دارة [فيه](١) كعرض السّماء والأرض ، فينفخ فيه ثلاث نفخات : الأولى : نفخة الفزع ، والثانية : نفخة الصّعق ، والثّالثة : نفخة القيام لربّ العالمين ، يأمر الله تعالى إسرافيل بالنفخة الأولى ، فيقول : انفخ نفخة الفزع ، فيفزع أهل السماء والأرض إلا من شاء الله ، ويأمره فيمدها ويديمها ويطوّلها ، يقول الله عزوجل : (وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) [ص : ١٥] ، فيسيّر الله الجبال ، فتمر مر السحاب ، ثم تكون سرابا (٢) ، ثم يرجّ الأرض بأهلها رجّا ، وهي التي يقول الله عزوجل : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨)) [النازعات : ٦ ـ ٨] ، فتكون الأرض كالسفينة في البحر تضربها الأمواج ، فيميد الناس على ظهرها ، وتذهل المراضع ، وتضع الحوامل ما في بطونها (٣) ، وتشيب الولدان ، وتطير (٤) الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار ، فتتلقاها الملائكة تضرب وجوهها ، فترجع ، [ويولي](٥) الناس مدبرين ينادي بعضهم ، وهي التي يقول الله عزوجل : (يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ (٦) ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣)) [غافر : ٣٢ ـ ٣٣] ، فبينا (٧) هم على ذلك إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر ، فرأوا أمرا عظيما ، فيأخذهم من ذلك الكرب ما الله به عليم ، ثم ينظرون (٨) إلى السماء ، فإذا هي كالمهل ، ثم انشقت ، وانخسفت شمسها وقمرها ، وانتثرت نجومها ، ثم كشطت السماء عنهم ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فالموتى لا يعلمون بشيء من ذلك ، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء ، قال : قلت : يا رسول الله ، فمن استثنى الله حيث يقول : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) [النمل : ٨٧]؟ ، قال : أولئك الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ، ويقيهم (٩) الله شر ذلك اليوم ، ويؤمّنهم منه ، وهو عذاب يلقيه الله شرار خلقه ، وهو الذي يقول تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) إلى
__________________
(١) زيادة من مصادر التخريج.
(٢) ع : سحابا.
(٣) ع : بطنها.
(٤) الأصول المخطوطة : وتطاير ، والتصويب من كتب التخريج.
(٥) زيادة من كتب التخريج.
(٦) (ينادي بعضهم ، ... يوم تولّون مدبرين) ساقط من ك.
(٧) ع : فبينما.
(٨) مصدر التخريج : تطوى. وهو الأولى لأنها موافقة للآية.
(٩) ع : ووقاهم ، وأ : لعنهم.