وكان من دعاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم يومئذ (١) : «اللهمّ منزّل الكتاب ، سريع الحساب اهزم أهل الأحزاب» (٢).
وكان المشركون قد شغلوا رسول الله عليه الصلاة والسّلام يومئذ عن صلاة الظّهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كشفهم الله تعالى ، فأمر عليه الصلاة والسّلام بلالا فأدّن ، وأقام الظّهر ، وأقام لكل صلاة بعدها ، فقضاهنّ على التّرتيب ، (٣) ورجع إلى المدينة ، وقد استخلف عليها عبد الله بن أمّ مكتوم ، (٤) وكان زيد بن حارثة يومئذ يحمل لواءه الأعظم لواء المهاجرين ، وكان سعد بن عبادة صاحب لواء الأنصار. (٥)
وكان حسّان بن ثابت قد التجأ إلى حصن مع جماعة من النّساء فيهم صفيّة بنت عبد المطلب ، فقصده عشرة من اليهود يرمون ، وصفيّة تقول : دونك يا أبا الوليد ، وهو يأبى ، ولا يتجانس عليهم ، فدنا أحدهم من الباب يريد أن يدخل ، وآيست صفيّة وسائر النّساء من حسّان ، فاحتجزت صفيّة بثوبها ، وأخذت خشبة ، ونزلت إليه. (٦) غزوة الخندق على سبيل الاختصار.
١٠ ـ (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ) : قال الكلبيّ : هذه في مجيء أبي الأعور السّلميّ من أسفل الوادي ، واعترض إلى أبي سفيان من قبل الخندق.
(وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) : هما عبارتان عن شدّة الخوف. (٧) و (الحناجر) : جمع حنجرة ، وهي رأس الغلصمة. (٨)
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : قال الكلبيّ : هو رجل واحد معتب بن قشير ، وإنّما قال ذلك حين أخبرهم (٢٦٢ ظ) بفتح فارس وملك الرّوم. (٩)
__________________
(١) ساقطة من ع.
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٩٣٣) ، ومسلم في الصحيح (١٧٤٢) ، وابن ماجة في السنن (٢٧٩٦) ، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٣٧٥ ، والترمذي في السنن (١٧٩) ، والنسائي في الصغرى ٢ / ١٧ ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وقال الترمذي : حديث عبد الله ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
(٤) ينظر : الطبقات الكبرى ٢ / ٦٦.
(٥) ينظر : الطبقات الكبرى ٢ / ٦٧ ،
(٦) ينظر : سيرة ابن هشام ٣ / ١٨٠ ـ ١٨٢. قال السهيلي : «ومجمل هذا الحديث عند الناس على أن حسان بن ثابت كان جبانا شديد الجبن ، وقد رفع هذا بعض العلماء ، وأنكره ، وذلك أنه حديث منقطع الإسناد ، وقال : لو صح هذا لهجي به حسان ، فإنه كان يهاجي الشعراء ، ... ، وكانوا يناقضونه ويردون عليه ، فما عيره أحد منهم بجبن ولا وسمه به ، فدل هذا على ضعف حديث ابن إسحاق ، ...».
(٧) ينظر : الطبري ١٠ / ٢٦٧ ، والتفسير الكبير ٩ / ١٦٠.
(٨) ينظر : مفردات ألفاظ القرآن الكريم ١٤٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٤٨.
(٩) ينظر : الطبري ١٠ / ٢٦٨ ، والكشاف ٣ / ٥٣٥ ، والدر المنثور ٦ / ٥٠٧.