لحاجة ، فاستمع منّا ، وأجبنا بالذي نسألك عنه ، فقال لهم رسول الله : إن شاء الله ، قال : فبدأ (١) أبو جهل بن هشام فقال : يا محمد ، أنت ابن عمّنا ومن عشيرتنا ، وأنت فينا فقير عائل ضعيف ، ولا نحبّ أن نقول لك إلا ما يعرف قومك ، وقد أتيتنا بأمر لم يواطئك عليه (٢) أحد من عشيرتك [فيه خير](٣) ، ولا أحد (٤) ممّن سواهم معه غفلة ، ونراك قلت قولا ما قاله أبوك ، ولا أحد ممّن سواهم معه عقله ، وقد تعلم أنّ الشياطين يحضرون سفهاء الناس ، فلا تكن ممّن يضع قومه ، وتسمّع بهم الناس ، فيكون لنا ذلك (٥) وضيعة ما بقينا ، وقد علمنا أنّ الله جليل عظيم لا ينبغي لرسوله أن يمشي بيننا فقيرا (٢٤١ ظ) عائلا ، وهو ذا أنت تمشي في الطريق معنا ، وتأكل الطعام كما نأكل ، ولو شاء الله لجعل ملائكة من عنده ، يقضون من أمره ، إنّه على ذلك قدير. قال : ثمّ تكلّم عتبة بن ربيعة فقال : يا ابن عبد المطلب ، انظر الذي تكلمت فيه ، فراجعنا فيه (٦) ، فإنّا لك ناصحون ، وإن أنت مضيت على الذي أنت لم تضرّ بذلك إلا نفسك ، ونحرّض الناس على قتلك ، ونعلم أن قد عصيتنا وعصيت أمرنا ، ورفضت نصيحتنا ، فراجعنا ، فإنّا قد علمنا أنّ الله ربّ كلّ شيء ، فما لك لا تراجعنا؟ وما لكلامنا يغلب كلامك؟ وأنت تزعم ، يا ابن عبد المطلب ، أنّه كلام الله ، أفكلامنا يغلب كلام الله؟ هذا لتعلم ، يا محمد ، أنّك مغرور مسحور ، ألست تعلم أنّ الله يعلم غيب كلّ شيء؟ قال : بلى ، حقا ويقينا ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، قال : فإن كنت كما تزعم أنّك رسوله ، فما منعه أن يخبرك أنّ قريشا سيقولون كذا وكذا ، فردّ عليهم كذا وكذا؟ هذا لتعلم ، يا محمد ، أنّك قد أتيت بأمر عظيم باطل لا نصبر عليه ، يا ابن عبد المطلب ، ألست تعلم أنّ الله يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء؟ قال : بلى ، حقا ويقينا ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، قال : أفلا يليّن قلوبنا لنصدقك (٧) بما تقول فنؤمن لك؟ هذا لتعلم أنّك لتأتي (٨) بأمر عظيم ، أفلا ألقي إليك كنز من ذهب ، فتستغني به عن الناس؟ قال : ثمّ تكلّم أمية بن خلف الجمحيّ فقال (٩) : يا ابن عبد المطلب ، لا عليك ، ألست تعلم أنّ الأرض والخلق والجبال كلّها لله؟ فقال رسول الله : بلى ، حقا ويقينا ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، قال : فهلمّ
__________________
(١) أ : قبل.
(٢) الأصل وع وأ : عليك.
(٣) زيادة من مصادر التخريج.
(٤) أ : لأحد من.
(٥) ع : ذلك لنا.
(٦) الأصل : فيه.
(٧) ساقطة من ع.
(٨) ساقطة من ع.
(٩) أ : يقال.