سنّة سيئة ، فإنّ لها مثل وزر من عمل بها (١) إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ، (٢) كقوله : (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [النحل : ٢٥].
والمراد ب (العذاب) : المنع والخسف (٣) والمسخ والطوفان والصواعق ونحوها ، دون عذاب الآخرة ، ألا ترى قال : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) [الإسراء : ١٦] ، (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ) [الإسراء : ١٧]. (١٨٨ و)
١٨ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) : اتصالها بها من حيث أهلكهم الله تعالى من المؤمنين ، وهذه الآية مجملة ، تفسيرها قوله : (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) [النجم : ٢٩] ، وقوله : (بَلْ تُؤْثِرُونَ (٤) الْحَياةَ الدُّنْيا) [الأعلى : ١٦] ، وقوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا) [النحل : ١٠٧] ، والدليل على جواز طلب الدنيا بعمل الآخرة هو طلب الغنائم بالجهاد ، والاستسقاء بالدعاء (٥) والاستشفاء ، قال عليهالسلام : «يقول الله عزوجل للدنيا : يا دنيا مرّي على أوليائي ، ولا تحلولي لهم فتفتنيهم» (٦).
(ما نَشاءُ) : أي : [ما](٧) نشاء كائنا ، فإنّ الله تعالى ما شاء كان (٨) ، وما لم يشأ لم يكن.
(لِمَنْ نُرِيدُ) : أي : ذلك ، وهو تخصيص بخصوص الجزاء الموعود ، فثبت به جواز تخصيص كلّ وعد ووعيد في القرآن من بعد عمومه ، وكذلك نسخه من بعد ثبوته.
(مَذْمُوماً) : معيبا.
١٩ ـ (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها) : وإنّما شرط في إرادة الآخرة السعيّ ؛ لأنّ الشرط في العاجلة شرط مجازيّ غير موجب ، قصد فيه التنبيه على قبحه وفساده ، فلم يكن لتأكيده معنى (٩) ، وشرط الآخرة شرط حقيقيّ موجب قصد منه تعليق الحكم به على التحقيق ،
__________________
(١) ساقطة من ع وأ.
(٢) جزء من حديث النبي عليهالسلام الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (١٠١٧) ، وابن خزيمة في صحيحه (٢٤٧٧) ، والدارمي في سننه ١ / ١٤٠ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٤ / ١٧٥.
(٣) الأصل : الخسف.
(٤) أ : يرون.
(٥) (والاستسقاء بالدعاء) ، ساقط من ك.
(٦) مسند الشهاب ٢ / ٣٢٥ مرفوع للنبي عليهالسلام ، والزهد للشيباني ١ / ٩٨ والفردوس بمأثور الخطاب ٥ / ٢٣٩ ، والإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ١ / ٨٤ وهو موقوف.
(٧) زيادة يقتضيها السياق.
(٨) ع : ما شاء الله كان.
(٩) أ : في معنى.