الضعيفة ، بل والموضوعة كذلك.
والملحوظة العامّة المهمّة أنّه لا يذكر إسناد الحديث ، فيكتفي بذكر المتن ، ولا يذكر درجة الحديث أو مصدره من كتب الحديث ، وقد يعتمد في تفسيره لآية على حديث ضعيف أو موضوع ، فيبني عليه آراء معيّنة ، مستندا في ذلك على ما أورده من قول الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه ، مبرّرا استشهاده بهذه الأحاديث الضعيفة ، فعن أحمد بن حنبل قال : إذا روينا عن رسول الله في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشدّدنا في الأسانيد ، وإذا روينا في فضائل الأعمال ، وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد. (١) وأظنّ أنّ الإمام أحمد لم يرد بهذه المقولة الأحاديث الضعيفة المتهالكة التي لا تجبّر ، أو الأحاديث الموضوعة المختلقة على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولكنّه أراد الأحاديث التي يمكن أن تجبر بغيرها سواء بالمتابعة أو الشواهد ، فهذا القول ليس مبرّرا أن يورد هذه الكثرة من الأحاديث الضعيفة والضعيفة جدّا والموضوعة ، وهذه آفة كثير من المفسرين.
ونجد أنّ أسلوبه في ذكر الأحاديث النبويّة المطهّرة في التفسير جاء على النحو الآتي :
١ ـ يذكر الحديث بشكل مباشر لمعنى الآية ، إذ يذكر الآية في ضمن الحديث ، والمثال عليه : في سورة هود عليهالسلام يقول : «عن أبي موسى ، عنه عليهالسلام : أنّ الله تعالى يملي للظّالم ، أو قال : يمهل ، حتى إذا أخذه لم يفلت ، ثم قرأ : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ ...) الآية [هود : ١٠٢]». (٢)
٢ ـ يستشهد بحديث على معنى استنبطه من معنى آية : مثال ذلك عند تفسير قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) [آل عمران : ١٣٢] ، يقول : «إنما ذكر الرسول ليعلم أن أوامره شريعة واجبة ، وإن لم ينطق بها الكتاب لتقرير الله ذلك بتبقية إعجازه ، وقد تواترت الأخبار أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «أوتيت القرآن ومثله مرتين» (٣)».
٣ ـ يستشهد بحديث على معنى بلاغي ، وهو الحذف ، في الآية : ففي تفسير قوله تعالى : (عَرْضُهَا السَّماواتُ) [آل عمران : ١٣٣] ، يقول : «أي : كعرض السماوات ، وإنما حذف لعدم الإيهام ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : (الضبع نعجة سمينة) (٤)».
٤ ـ يستشهد بالحديث على معنى عام يمكن أن يؤخذ من الآية ، فبعد أن يعطي معنى (المرابطة) في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران : ٢٠٠] إذ يقول : «والظاهر من الرباط ارتباط الخيل ، ولكنه يستعمل في كل ما يلزم ويثبت» فيستشهد بالحديث بقوله : «وفي الحديث : ألا أدلكم ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به
__________________
(١) درج الدرر ٣٥٨.
(٢) درج الدرر ٢٩.
(٣) جزء من حديث المقدام بن معدي كرب الكندي أخرجه الإمام أحمد (١٧١٧٣) ، وأبو داود في السنن (٤٦٠٤) ، والطبراني في مسند الشاميين (١٠٦١).
(٤) وهو قول عكرمة في الأوسط ٢ / ٣١٢ ، وعن أبي هريرة أنه سئل عن الضبع فقال : نعجة من الغنم ، ينظر : مصنف ابن أبي شيبة ٥ / ١١٨ ، والمحلى ٧ / ٤٠٢ ، والسنن الكبرى للبيهقي ٩ / ٣١٩.