قال أبو عمرو بن العلاء (١) : أجفأت القدر ، إذا غلت فعلاها الزبد ، فإذا سكنت لم يبق منه شيء. (٢) وقال أبو عبيد الهروي (٣) : جفا الوادي ، وأجفأ : إذا ألقى غثاء على جانبيه ، وأجفأت القدر : إذا ألقت زبدها. (٤)
(فَيَمْكُثُ) : فيلبث.
هذا هو المثل المضروب للحق والباطل ، فالماء المنزّل مثل القرآن والوحي والإلهام والرؤيا النبويّة ، والأودية مثل القلوب من هذه العلوم ، مقدار ما تسعه ، والسيل مثل العلم الحاصل من هذه الجهات ، وزبده مثل ما يلقي الشيطان في الأمنية ، أو يوسوس في التأويل ، وما يذوب على النار من جواهر الحليّ والأمتعة مثل العلم المكتسب بالقرائح ، وإعمال الفكر في الاعتبار والاجتهاد ، وزبده هواجس النفس الأمّارة بالسوء (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) [الحج : ٥٢] ، ويهدي الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، ويبطل الآراء المدخولة بالرأي المتين الحنيفيّ ؛ ليتمّ نوره ولو كره الكافرون.
٢٥ ـ (لَهُمُ اللَّعْنَةُ) : عليهم اللعنة ، و (اللام) مكان (على). ويحتمل : أنّ اللام لازدواج الكلام ، واعتبار قوله : (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد : ٢٢]. ويحتمل : أنّ المراد به : حظّهم ونصيبهم ونعمتهم ، وهذه الأشياء تضاف باللام.
٢٦ ـ (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) : يعطي الفضل.
(وَيَقْدِرُ) : يعطي ما لا يكفي الأقلّ منه في الآخرة في قياس الآخرة ، وإضافتها إليها.
٢٧ ـ وجه الجواب في قوله : (إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ...) الآية ، وهو أنّ إنزال الآية الملجئة المسخرة (١٧٣ ظ) غير واجب عليه ، فإنّ له أن يضلّ من يشاء بالخذلان واللبس ، ويوفّق للهداية إلى دينه من وفّقه الإنابة إلى الاعتبار الصالح أول مرة.
٢٨ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا) : في محلّ الرفع.
(أَلا بِذِكْرِ) : عارض.
__________________
(١) أبو عمرو زبان بن العلاء بن عمار بن العريان التميمي ، شيخ القراء والعربية ، توفي سنة ١٥٧ ه. ينظر : أخبار النحويين البصريين ٢٢ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ١٠٠ ، والبلغة ٨١.
(٢) ينظر : مجاز القرآن لأبي عبيدة ١ / ٣٢٩ ، والطبري ٧ / ٣٧٢ ، ومعاني القرآن الكريم للنحاس ٣ / ٤٨٩.
(٣) القاسم بن سلام البغدادي ، اللغوي الفقيه المحدث ، توفي سنة ٢٢٤ ه. ينظر : مراتب النحويين ٩٣ ، والفهرست ٧٨ ، والبلغة ١٨٦ ، والمزهر ٢ / ٤١١.
(٤) ينظر : الغريبين في القرآن والحديث ١ / ٣٤٧.