حمى ظهره ، فلا يركب ولا يمنع عن (١) مرعى.
نفى الله أن تكون هذه الأحكام دينا له وأمرا منه. والمبتدع لهذه الأحكام عمرو بن لحي ، وهو الذي نصب الأنصاب ، وبدّل الحنيفيّة ، وأدخل الإشراك في التّلبية (٢).
١٠٥ ـ (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) : تقديره : حفظ أنفسكم وإصلاحها دون التّعلّق (٣) بما كان عليه الآباء فإنّهم لا يضرّونكم (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ). وفيه ما يدلّ على نسخ الأمر بالمعروف (٤).
خطب (٥) أبو بكر الصّدّيق وقال : يا أيّها النّاس إنّكم تقرؤون هذه الآية وتعدّونها (٦) رخصة الله ، والله ما نزلت آية أشدّ من هذه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ (١٠٠ ظ) أَنْفُسَكُمْ) وإنّي سمعت (٧) رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إنّ النّاس (٨) إذا رأوا منكرا فلم يغيّروه يوشك أن يعمّهم الله بعذاب (٩).
١٠٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) : ابن جبير عن ابن عبّاس : كان تميم الدّاريّ وعديّ بن بداء (١٠) نصرانيّان يختلفان إلى مكّة بالتّجارة ، فخرج مسلم من بني سهم فتوفّي بأرض ليس بها مسلم فأوصى إليهما ، فلمّا رجعا من سفرهما دفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما من فضّة مخوّصا بذهب ، فاستحلفهما (١١) رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما كتما ولا اطّلعا ، ثمّ عرف الجام بمكّة فقال الذين اشتروه : اشتريناه من عديّ وتميم ، فقام رجلان من أولياء السّهميّ وأخذا الجام ، وفيهم نزلت الآية (١٢).
[وفيه](١٣) دليل أنّ الورثة صدّقوهما في الوصاية واتّهموهما في الأمانة ولذلك استحلفهما على الكتمان والاطّلاع. وفيه دليل أنّ المراد بالشّهادة اليمين ، وإنّما وجب عليهما اليمين ؛ لأنّ الورثة يدّعون عليهما الزّيادة. وفي أيمان الورثة وجهان : فإن ادّعى الوصيّان وصيّة أو ملكا في
__________________
(١) في ك : من. وينظر : غريب القرآن وتفسيره ١٣٣ ، وتفسير غريب القرآن ١٤٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٢١٣.
(٢) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، والطبري ٧ / ١١٧ ـ ١١٨ ، والقرطبي ٦ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.
(٣) في ع وب : التعليق. وينظر : الوجيز ١ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ ، والتفسير الكبير ١٢ / ١١١ ، وتفسير القرطبي ٦ / ٣٤٢.
(٤) ينظر في الإجابة عنه : التفسير الكبير ١٢ / ١١٢ ـ ١١٣.
(٥) في ك : خطبه ، وفي ع وب : خطبة.
(٦) في ك : وتعقدونها ، وفي ب : وتعتقدونها.
(٧) بعدها في ك : أن ، وهي مقحمة.
(٨) (إن الناس) ليس في ب.
(٩) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ، والدر المنثور ٢ / ٣٣٩ ، وروح المعاني ٧ / ٤٥.
(١٠) في الأصل وع : بندي ، وفي ب : نبدي.
(١١) في ب : فاستحلهما ، والفاء ساقطة.
(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ١٥٦ ، والمعجم الكبير ١٧ / ١١٠ ، وأحكام القرآن للجصاص ٢ / ٦١٤.
(١٣) يقتضيها السياق.