مكرها باللّيل ، قال الله تعالى : (إِذْ يُبَيِّتُونَ) [النّساء : ١٠٨] ، وقال : (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) [النّمل : ٤٩]. وهو واقع ههنا على غير قولهم ، وهي قريبة من قوله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) [البقرة : ١٤].
(وَاللهُ يَكْتُبُ [ما يُبَيِّتُونَ] (١)) : في اللّوح المحفوظ (٢) ، وقيل (٣) : كتابة الحفظة.
(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) : أي : اله عنهم ولا يهمنّك أمرهم.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) : في ما يريدون بك وفي جميع أمورك.
٨٢ ـ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) : (٨٤ و) المراد بالاستفهام حثّهم على التّدبّر (٤) ، والتّقدير : ليتدبّروا في القرآن.
و (التّدبّر) : هو التّأمّل في عواقب الأمور وأدبارها وتصرف الرّأي في مفهومها ومعقولها (٥). وكأنّ التّدبّر إبدال لهم عن تبييتهم الفاسد.
(وَلَوْ كانَ) : أي (٦) : القرآن (مِنْ عِنْدِ) : جنّي أو إنسيّ كما ظنّ بعضهم.
(اخْتِلافاً) : أخبارا غير موافقة للمخبر (٧) عنها في الإخبار عن (٨) الماضي والإخبار عمّا في ضمائرهم وعمّا سيكون ، كما يجدونه في كتب النّسّاب والمؤرّخين ، وفي أحكام الكهنة والمنجّمين. وقيل : لوجدوا فيه تناقضا كثيرا كما يجدونه في كلام كلّ مطنب متفنّن وضّاع قد اختلفت به الأحوال مع مباينة أجناس المخاطبين. والكلام المختلف هو المتناقض الذي لا يمكن توفيقه دون ما اختلف فيه ، فإنّ الكتب المنزلة كلّها مختلف فيها (٩).
٨٣ ـ (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ) : جاء في سفهاء المؤمنين والمنافقين والغاغة (١٠) منهم ، وإنّما رتبه على التي تقدّمت وهي في ذوي الرّأي من المنافقين ؛ لأنّ بعضهم كان من بعض.
__________________
(١) من ك.
(٢) ساقطة من ك وب. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٣ / ٢٦٩ ، ومجمع البيان ٣ / ١٤٠.
(٣) ينظر : تفسير الطبري ٥ / ٢٤٤ ، وزاد المسير ٢ / ١٥٩ ، والبحر المحيط ٣ / ٣١٧.
(٤) في ك : التدبير. وينظر : مشكل إعراب القرآن ١ / ٢٠٤.
(٥) ينظر : معاني القرآن الكريم ٢ / ١٣٩ ـ ١٤٠ ، والتبيان في تفسير القرآن ٣ / ٢٧٠ ـ ٢٧١ ، والبحر المحيط ٣ / ٣١٥.
(٦) ساقطة من ب.
(٧) في ع : للخبر.
(٨) في ب : وعن ، والواو مقحمة.
(٩) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٣ / ٢٧١ ، ومجمع البيان ٣ / ١٤١ ـ ١٤٢ ، وتفسير القرطبي ٥ / ٢٩٠.
(١٠) الغاغة من النّاس : «الكثير المختلطون» ، لسان العرب ١٥ / ١٤٢ (غوى).