٥٤ ـ (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ (١)) : عامل في الظرف.
و (المكر) : إيصال الشّرّ في السّرّ ، فمكرهم ما احتالوا من قتل عيسى وفي صلبه (٢).
(وَمَكَرَ اللهُ) : صونه عيسى عن بأسهم ، وصرفه الشّرّ إليهم في الدنيا والآخرة من حيث لا يشعرون (٣).
وإنّما قيل : (خَيْرُ الْماكِرِينَ) ؛ لأنّ إيصال الشّرّ ما يمدح ، وذلك إذا كان مع العدوّ من غير غدر (٤) وخيانة فالله متّصف به خير الماكرين.
٥٥ ـ (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) : قيل : أمات الله عيسى ثلاث ساعات (٥) ، ثمّ أحياه ورفعه من غير صلب ولا قتل ، وألقى [الله](٦) مثاله على غيره (٧). وقيل (٨) : «متوفّيك : قابضك». وقال الفرّاء (٩) : في الآية تقديم وتأخير ، وتقديرها : إنّي رافعك ومطهّرك من الذين كفروا ، أي : في الحال ، ومتوفّيك ، أي (١٠) : بعد الزّوال.
وقال السدّي : المصلوب رئيس من رؤساء اليهود ، دخل ليخرج عيسى عليهالسلام من بيته فألقى الله مثاله عليه ، ورفعه عليهالسلام (١١).
وقيل : المصلوب هو الموكّل الذي كان عليه رقيبا.
وقيل : المصلوب الذي ارتدّ من الحواريّين ، وسعى (١٢) بعيسى عليهالسلام ، ودلّ اليهود عليه (١٣).
وقيل : إنّه أخبر برفعه فاتّخذ ضيافة لأصحابه وأطعمهم ، ثمّ أتى بماء فتطهّروا به ، ثمّ طلب منهم أن يسألوا الله تعالى تبقيته فيما بينهم ، وخرج من عندهم ، ثمّ اطّلع عليهم فوجدهم
__________________
(١) في الأصل وك وب : مكرا.
(٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٧٦ ـ ٤٧٧ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٠٢ و ٣٠٤ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٥.
(٣) في ب : لا يشعروا. وينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢١٨ ، وتفسير الطبري ٣ / ٣٩٣ ، والبغوي ١ / ٣٠٧.
(٤) في الأصل : عذر. وينظر : التفسير الكبير ٨ / ٦٦ ـ ٦٧ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٩٦.
(٥) في ك : مرات. وينظر : تفسير الطبري ٣ / ٣٩٥ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤١٠ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٠٨.
(٦) من ك.
(٧) بعدها في ك : وقيل غيره ، وهي مقحمة.
(٨) معاني القرآن للفرّاء ١ / ٢١٩ ، وتفسير غريب القرآن ١٠٦ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٠٩.
(٩) وعبارته في معاني القرآن ١ / ٢١٩ : «يقال : إنّ هذا مقدّم ومؤخّر. والمعنى فيه : إنّي رافعك إليّ ومطهّرك من الذين كفروا ومتوفّيك بعد إنزالي إيّاك في الدّنيا».
(١٠) في ك : إلى.
(١١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٧ ، والخازن ١ / ٢٥١.
(١٢) في الأصل وع وب : وشقي.
(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٧ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٦ ، وتفسير الخازن ١ / ٢٥١.