الضحّاك (١) أنّهم كانوا قصارين يحوّرون (٢) الثّياب. وعن عطاء أنّ مريم أسلمته إلى كبير القصارين ليتعلّم الحرفة ، فتعلّم عنده أيّاما ، ثمّ عرض لهذا (٣) الأستاذ سفر مدّة عشرة أيّام ، فدفع أثوبة الناس إلى عيسى عليهالسلام ، وأمره بأن يصبغ كلّ ثوب منها بلون آخر ، وأن يغسل (٦٦ ظ) بعضها ، فجعل جميعها في حبّ (٤) واحد ، قال لها : تكوّني (٥) بإذن الله كما أريد ، فلمّا رجع الأستاذ طالبه بالأثوبة ، فأشار إلى حبّ واحد ، ففزع الأستاذ ، وضاق ذرعا ، وقال : أيّها الصّبيّ أفسدت أثوبة الناس ، قال عليهالسلام : قم وانظر ، فجعل الأستاذ يخرج الأثوبة بعضها مغسولا وبعضها مصبوغا بألوان مختلفة من صبغ واحد ، فعلم أنّه من فعل الله ، فآمن هو وأصحابه بعيسى عليهالسلام ، فهم الحواريّون (٦) ، ثمّ لقّب هذا اللّقب كلّ ناصر لنبيّ حتى قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : (لكلّ نبيّ حواري ، وحواريي طلحة والزّبير (٧)). وقيل (٨) : الحواري : المتجرّد للنّصرة المتمحّص (٩) في الموالاة. وقال الزهريّ : هم خلصان الأنبياء ، وتأويله : الذين (١٠) أخلصوا ونقوا عن كلّ عيب.
(نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) : أولياؤه (١١).
(وَاشْهَدْ) : وإنّما طلبوا منه ذلك لتحقيق (١٢) الموالاة وتبرّكا ، ليتأكّد حالهم بها (١٣).
٥٣ ـ (فَاكْتُبْنا) : أي : فاكتب أسماءنا مع أسماء المؤمنين (١٤). وقيل : المراد ب (الشَّاهِدِينَ) : الشهداء.
__________________
(١) في ك : ابن عباس.
(٢) في ك وع : يجودون. وينظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٤٢ ، وزاد المسير ١ / ٣٣٥ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٣. «والتّحوير : التّبييض ، والحواريّون : القصّارون لتبييضهم» ، لسان العرب ٤ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ (حور).
(٣) في الأصل وك وب : لهذه.
(٤) في ك وع : جب ، وكذا ترد فيهما قريبا.
(٥) في ع : كوني.
(٦) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٦ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٣ ، وتفسير القرطبي ٤ / ٩٧ ـ ٩٨.
(٧) (ثم لقب ... والزبير) ليس في ع. وينظر : مسند البزار ٨ / ٢٧٨ ، ومن حديث خيثمة ١٢٢ ، والترغيب والترهيب ٤ / ٦٥.
(٨) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٦ ، والكشاف ١ / ٣٦٦.
(٩) في الأصل وع : للمتمحص.
(١٠) في الأصل : الدين ، وهو تصحيف.
(١١) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٣٠٣.
(١٢) في ب : لتحقق.
(١٣) ينظر : الكشاف ١ / ٣٦٦ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٤ ـ ٦٥.
(١٤) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٣٩٢ ، والوجيز ١ / ٢١٢ ، وتفسير القرطبي ٤ / ٩٨.