٢٤٦ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) : إلى انتهاء الآية السادسة ، في شأن أشمويل بن هلقا ، ويروى هلقاثا ، وفي شأن داود بن إيشا عليهماالسلام.
والقصّة في ذلك أنّ بني إسرائيل مكثوا دهرا ما لهم ملك يقاتل ، وقد استولى عليهم أعداء لهم يسكنون ساحل (١) بحر الرّوم بين مصر وفلسطين يقال لهم : البلشتاثا ، ويروى : البلشتانا ، ولهم ملك يدعى جالوت ، فلقي بنو إسرائيل منهم بلاء (٢) شديدا لما غلبوا على كثير من أرضهم ، وسبوا كثيرا من أولادهم ، وكان عهد الله فيما يروى إلى بني إسرائيل من بعد موسى ويوشع عليهماالسلام ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم ، فلمّا آل الأمر إلى ما ذكرنا نبغ في بني إسرائيل طاغية ودعاهم إلى أن يملّكوه ويبايعوه ليقودهم إلى القتال ، فبايعوه على ذلك ، ثمّ جاؤوا إلى (٣) أشمويل بن هلقا (٥٤ و) واسم أمّه حنّة ، وكان يدعى ابن العجوز (٤). ويروى عن السدّي أنّه كان يسمّى شمعون أيضا وهو بالعربيّة (٥) سمعون ، أي : سمع الله دعاء أمّه فيه واختاره للنّبوّة (٦) ، ويقال : هو المراد بإسماعيل المذكور في سورة الأنعام (٧) بين إلياس واليسع ، وكان من نسل هارون ، وطلبوا منه ملكا يرجون (٨) أن يشيرهم إلى ما بايعوه ، فقال أشمويل : هل كدتم تمتنعون عن القتال إن وجب؟ قالوا : لا ، فملّك عليهم بوحي من الله طالوت وهو رجل من سبط بنيامين (٩) ، وكان مسكينا راعي حمير ، وكان خرج من قريته بطلب (١٠) حمارين له فنزل بأشمويل عليهالسلام ، فأعلمهم أنّه ملكهم فأبوا أن يقبلوه ؛ لأنّه لم يكن من سبط النّبوّة وهو سبط لاوي بن يعقوب ، ولا من سبط الملك وهو سبط يهودا ، ولم يكن له (١١) مال أيضا ، فأعلمهم أنّ الله فضّله عليهم (١٢) بالرّأي والمنظر والنّجدة ، وهذه المعاني أسباب الملك دون الأصل (١٣).
فلمّا كذّبوه أتى بمعجزة على دعواه وهي الإخبار عن التّابوت الذي كانت فيه السّكينة
__________________
(١) ساقطة من ب ، وكذا قوله : (مصر) الآتي قريبا.
(٢) (ولهم ملك ... بلاء) ساقطة من ب.
(٣) ساقطة من ب.
(٤) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٨٠٧ ـ ٨١٠ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦٧٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٢٢٦.
(٥) مكانها في ب : ابن العربية.
(٦) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٨٠٧ ، والبغوي ١ / ٢٢٦ ، والتفسير الكبير ٦ / ١٧٠.
(٧) في الآيتين ٨٥ و ٨٦.
(٨) في ب : يرجعون.
(٩) مكانها في ب : بن يا سبيل.
(١٠) في ب : يطلب ، وهو صواب أيضا.
(١١) في ع : لهم ، والميم مقحمة.
(١٢) النسخ الثلاث : عليه.
(١٣) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٨١٤ ـ ٨١٨ ، والبغوي ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.