أشهدك يا رسول الله أنّي (١) جعلت حائطيّ قرضا لله سبحانه وتعالى ، فقال رسول الله : يا أبا الدّحداح إنّا لم (٢) نسألك كليهما فأمسك أحدهما معيشة لك ولعيالك ، قال : إذا فخيرهما لله تعالى ، ثمّ رجع حتى أتى أمّ الدّحداح وهي تحت النّخل مع صبيانها وأنشأ يقول : [من الرّجز]
هداك ربّي سبيل الرّشاد |
|
إلى سبيل الخير والسّداد |
تدني من الحائط بالوداد |
|
وقد مضى قرضا إلى التّناد |
أقرضته الله على اعتماد |
|
طوعا بلا (٣) منّ ولا ارتداد |
إلّا رجاء الضّعف في المعاد |
|
فارتحلي بالنّفس والأولاد |
والبرّ لا شكّ فخير زاد |
|
قدّمه المرء إلى المعاد |
قالت أمّ الدّحداح : أما إذا بعت من الله ورسوله فبيع ربيح لا يقال ولا يستقال ، وأيم الله لو لا ذلك لم تملك إلّا حصّتك ، فأنشأ يقول : [من الرّجز]
بشّرك الله بخير وفلح |
|
مثلك أجدى ما لديه ونصح |
إنّ لك الحظّ إذا الحظّ وضح |
|
قد متّع (٤) الله عيالي ومنح |
بالعجوة السّوداء والزّهر البلح |
|
والعبد يسعى وله ما قد كدح |
طول اللّيالي وعليه ما اجترح |
ثمّ أقبلت أمّ الدّحداح (٥) على صبيانها تخرج ما في أفواههم ، وتنفض ما في أكمامهم حتى أتوا إلى الحائط الآخر ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : (كم من عذق ردّاح وقصر فيّاح لأبي الدّحداح في الجنّة) (٦).
__________________
(١) في الأصل وع : أن ، وبعدها : (جعلت) مكررة في ب.
(٢) في ك : لا ، وبعدها في ع : نسلك ، بدل (نسألك).
(٣) في ك وب : بطوع لا ، بدل (طوعا بلا).
(٤) في ع وب : منع.
(٥) (ثم أقبلت أم الدحداح) وضعت في ع مع الشعر ، وهو خطأ.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩.