و (ما) : سؤال عن ذات الشيء ، فكأنّه قال : أيش تعبدون من بعدي؟ و (ما) أعمّ من (من) (١) ، قال الله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [البقرة : ٢٥٥] ، وقال : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الشورى : ٥]. ويحتمل أن يكون (ما) مقام (من) كقوله : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) [الشعراء : ٢٣] ، معناه : ومن (٢).
وفائدة السؤال الامتحان كما وردت الأخبار (٣) ، والسؤال في القبر.
والآباء (٤) : جمع أب. وفي الأصل : أبو (٥).
وإنّما عدّ إسماعيل مع الآباء ؛ لأنّ العمّ يدخل في عداد الآباء ، كما أنّ الخالة تدخل في عداد الأمّهات (٦) من قوله : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) [يوسف : ١٠٠] ، أراد أباه (٧) وخالته ؛ لأنّ أمّه قد ماتت (٨).
(إِلهاً واحِداً) : نصب على القطع ، تقديره : الإله الواحد.
ووحدانيّة الله تعالى إنّما هي تعاليه عن مقابلة الأنداد والأضداد ، لم يزل ولا يزال متعاليا عن الجهات والأحوال.
١٣٤ ـ (تِلْكَ أُمَّةٌ) : أي : تلك الأمّة أمّة.
و (تلك) : إشارة إلى شيء بعيد (٩) مؤنّث ، كما أنّ (ذلك) (٣٥ و) للمذكّر (١٠) ، والتاء هي الاسم فقط (١١).
والمراد بالآية هو نفي توجّه إعراضهم عن الآيات المعجزة والمفعول الواجب لاختلافهم في شأن الأمم الماضية وأحوالهم.
١٣٥ ـ (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) : نزلت في مثل ما نزل فيه قوله : (وَدَّ كَثِيرٌ
__________________
(١) ينظر : الكشاف ١ / ١٩٣ ، والبحر المحيط ١ / ٥٧٣.
(٢) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ١ / ١١٩.
(٣) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ١ / ١١٩ ، وتفسير القرطبي ٢ / ١٣٧ ، والبحر المحيط ١ / ٥٧٣.
(٤) في الآية نفسها : (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ).
(٥) ينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف ١ / ١٨ ـ ١٩ (مسألة ٢) ، واللباب في علل البناء والإعراب ١ / ٨٨ ، وشرح شذور الذهب ٥٥.
(٦) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٨٢ ، وتفسير الطبري ١ / ٧٨٢ ـ ٧٨٣ ، والبغوي ١ / ١١٩.
(٧) النسخ الأربع : أبيه ، والصواب ما أثبت.
(٨) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ٤٥٠ ، والبيضاوي ٣ / ٣٠٩ ، والتبيان في تفسير غريب القرآن ١١١.
(٩) في الأصل وع : يفيد.
(١٠) في ب : للمؤنث ، وهو خطأ.
(١١) وهو قول الكوفيين ، ينظر : التبيان في إعراب القرآن ١ / ١١٩ ، والدر المصون ٢ / ١٣٣ ـ ١٣٤.