مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) [البقرة : ١٠٩] ، روي أنّ عبد الله بن رومان قال لنبيّنا صلىاللهعليهوسلم : اتّبع (١) اليهوديّة تكن مهتديا ، ودعاه وفد نجران إلى النّصرانيّة ، فأنزل الله (٢).
وفي (مِلَّةَ) ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ معنى قولهم : اتّبعوا اليهوديّة والنّصرانيّة ، فنصب الملّة وأضمر الاتّباع اعتبارا بالمعنى (٣).
والثاني : إقامة المضاف إليه مقام المضاف ، تقديره : بل أصحاب ملّة إبراهيم (٤).
والثالث (٥) : أنّ (بل) تارة تدخل في الكلام موصولة وتارة مفصولة ، وإذا (٦) كانت مفصولة فمعناها الابتداء ههنا فنصب على التحريض والإغراء (٧).
(حَنِيفاً) : نعت (٨) إبراهيم عليهالسلام ، نصب على القطع (٩).
والحنف : الاستقامة في قول القتبيّ (١٠) ، قال : سمّي الأعرج أحنف تفاؤلا كما سمّي الفلاة مفازة واللّديغ سليما (١١).
وقال غيره (١٢) : الحنف : الميل ، والأحنف : الذي في قدميه ميل ، والحنيف : المائل إلى الحقّ كالعادل.
قال الضحّاك : الحنيف : المسلم ، وإذا كان معه لفظ المسلم فمعناه الحاجّ (١٣).
وقال أبو عبيدة : كان الحنيف في الجاهليّة من كان (١٤) على دين إبراهيم ، وسمّي من اختتن وحجّ البيت لمّا تناسخت السنون فكانوا يعبدون الأوثان ويقولون : نحن حنفاء على دين إبراهيم. والحنيف الذي نعرف اليوم هو المسلم (١٥).
__________________
(١) في ب : اتبعوا.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١١٩.
(٣) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٣٤٠ ، وتفسير الطبري ١ / ٧٨٤ ، والقطع والائتناف ١٦٥.
(٤) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٣٤٠ ، وتفسير الطبري ١ / ٧٨٤ ـ ٧٨٥ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٤٨٠.
(٥) في ك : والحاصل.
(٦) في ع : إذا.
(٧) في ب : وإغراء. وينظر : مجاز القرآن ١ / ٥٧ ، وتفسير الطبري ١ / ٧٨٥ ، والبغوي ١ / ١١٩ وعزاه إلى الكسائي.
(٨) في ك : بعث.
(٩) وهو قول الكوفيين ، ينظر : تفسير البغوي ١ / ١١٩ ، والتفسير الكبير ٤ / ٨١ ، والبحر المحيط ١ / ٥٧٧.
(١٠) ينظر : تفسير غريب القرآن ٦٤.
(١١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٧٨٥ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٤٨٩ ـ ٤٩٠ ، وتفسير القرطبي ٢ / ١٤٠.
(١٢) ينظر : أمالي الزجاجي ٢ ، والنكت والعيون ١ / ١٦١ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٤٧٩ ـ ٤٨٠.
(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١١٩ ، والبحر المحيط ١ / ٥٧٨.
(١٤) (من كان) مكررة في ب.
(١٥) ينظر : لسان العرب ٩ / ٥٧ (حنف).