ويقول عز شأنه : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) [الأحزاب : ٧]
وشاء الحق تبارك وتعالى أن يجعل الإيمان بالله مرتبطا بالإيمان بالرسل ، فلا يكون الإيمان بالله إيمانا صحيحا كاملا ، إلا إذا كان مرتبطا بالإيمان بالرسل.
فالإيمان برسل الله دعامة من دعائم الإيمان فى الإسلام ـ كالإيمان بملائكة الله ، وكتب الله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره.
* ومعنى الإيمان بجميع الرسل .. أن يؤمن المرء بكل ما نبأ الله من نبى ، وبكل ما أرسل ـ سبحانه ـ من رسول ، ممن عرفنا نبوتهم ، وممن لم نعرف ، لأن الله ـ جلت حكمته ـ هو الذى نبأهم وأرسلهم ، وأخبر عنهم ، وأمرنا بالإيمان بهم وتصديقهم ، وعدم التفريق بينهم. قال سبحانه :
(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ولهذا وجب الإيمان برسل الله كلهم على كل مسلم ، ولا يفرق فى الإيمان بهم بين رسول ورسول منهم ـ كما حدث من اليهود والنصارى ، حيث آمن اليهود بأنبياء بنى إسرائيل وكفروا بعيسى ابن مريم ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم ، ولا كما آمن النصارى بكافة الأنبياء ، وكفروا بخاتمهم وإمامهم محمد بن عبد الله ـ صلىاللهعليهوسلم.
إذ الكفر بواحد من أنبياء الله ورسله كفر بجميعهم. وقد جمع القرآن منهم ثمانية عشر فى آية واحدة ، وهو قول الحق سبحانه : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا ، وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ ، وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) [الإنعام : ٨٤ ـ ٨٦]