الإنسان هدى القرآن ، فيما يصحح به علاقاته بربّه ، حيث تكون معرفته معرفة صحيحة ، لا يشوبها من غبار التشبيه ما يحيد به عن الطريق ، وبمعرفته لنفسه يعلم احتياجه إلى تلك القوة القاهرة القادرة.
فإذا وصل إلى هاتين المعرفتين ، وقدّرهما حق قدرهما ، وعلم أن الله خالق قادر ، والإنسان مخلوق ضعيف ، تقلّب فى أطوار خلقه من حال إلى حال ، بعد أن لم يكن شيئا مذكورا ، اتجه فى السلوك إلى تلك الذات الخالقة ، سلوكا يرضيها ، وسار إليها سيرا يقربه منها ، ويدنيه إليها ، فيرتسم ما شرعته من أعمال ، ويتحلى بما رسمته من كريم الخلال ، وجميل الأفعال ، حتى تقوى صلته بها ، ثم ينظر بعد ذلك إلى ما أرشد إليه هدى القرآن ، وإلى ما يصلح به الفرد ، وتصلح به الجماعة من معاشرين وجيران ، وأهل وأوطان ، ومنتهجا فى ذلك ما يكون من الوسائل الصحيحة فى البيع والشراء والأخذ والعطاء.
وهكذا حتى يكون منهجه فى حياته منهجا قرآنيا ، وسلوكه إليها سلوكا شرعيا ، وهو بعد ذلك يقدر نهايته إذا ما حاد عن طريق القرآن ، بأن يشقى فى حياته الدنيا ، ويشقى فى حياته الأخرى.
مناهج البحث فى التفسير الموضوعى :
من خلال دراستنا للمصنفات التى صنفت فى التفسير الموضوعى ، نستطيع أن نقول ، إن المفسر الذى يفسر بهذه الطريقة ، ينهج أحد منهجين اثنين :
أولهما : أن يجعل السورة القرآنية هى وحدته الموضوعية ، فينظر إليها نظرة شمول وإحاطة ، مهما تعددت موضوعاتها ، وتباينت مناسبات نزولها.
فالعملية التفسيرية تشمل السورة كلها ، لا تتعداها فى معظم الأحيان ، وتدور حول غرض محدد ، سواء كان عاما ، أو خاصا.