وأقوال الصحابة. وانتهى ابن تيمية فى منهجه التفسيرى ، أن يفتح الأبواب
أمام المفسر ، ليجتهد ويستنبط ، بعد أن يكون قد استوفى العدة للتفسير.
وأوضحنا أن ابن
تيمية مضى يطبق منهجه التفسيرى هذا على بعض السور القرآنية ، وفى مقدمتها سورة
النور ، وبعض سور قصار من جزء عم ، وخص المعوذتين برسالة مستقلة.
وأوضحنا ـ أن
هذا المنهج عينه ـ هو الذى اتبعه ابن قيم الجوزية (ت ٧٢١ ه) فى تفسير أقسام
القرآن ، وفى تفسيره للمعوذتين.
ثم انتقلنا إلى
العصر الحديث ، لنثبت أن التفسير ظل واقفا ، وقفة الركود والجمود ، لا يتعداها حتى
جاء عصر النهضة العلمية الحديثة ، فاتجهت أنظار العلماء الذين لهم عناية بدراسة
التفسير ، إلى أن يتحرروا من قيد هذا الركود ، ويتخلصوا من نطاقه ، فنظروا فى كتاب
الله نظرات ـ وإن كانت تعتمد على ما دوّنه الأوائل ـ إلا أنها أثرت فى الاتجاه
التفسيرى للقرآن ، وألبسته أثوابا أدبية واجتماعية وموضوعية ، أظهرت روعة القرآن.
ولقد تحدثنا عن
التفسير الموضوعى ، وأوضحنا ملامحه ، وقلنا إنه نشأ مقترنا وممتزجا بالتفسير
الأدبى ، ذلك التفسير الذى تظهر فيه ذاتية المفسر ، وشخصيته ، وملكته الأدبية ،
وقدرته على بلورة الأفكار ، وتقديم التصورات الممكنة ، والمحتملة ، والجائزة ، فى
غلاف من الأسلوب الأدبى المؤثر ، المحرك لمشاعر القارىء والسامع ، المؤثر فى
وجدانه. وقد ألمحنا إلى أن هذا اللون من التفسير إنما بدأ فى نهاية القرن التاسع
عشر تقريبا ، بجهود الإمام الشيخ محمد عبده ، الذى رأيناه على هدى من قراءاته لابن
تيمية ، يعرض تفسيرا دقيقا للجزء الثلاثين من القرآن الكريم ، أخلاه من كل الشوائب
العقيدية والإسرائيلية ، ومكّن فيه لرفض البدع والخرافات ، واستخدام الفكر الحر فى
فهم معانى القرآن.