قال المفسرون :
إن صلاح الآباء ينفع الأبناء ، وتقوى الأصول تنفع الفروع (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا
أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما) أى فأراد الله بهذا الصنيع أن يكبرا ويشتد عودهما
ويستخرجا كنزهما ، من تحت الجدار (رَحْمَةً مِنْ
رَبِّكَ) أى رحمة من الله بهما لصلاح أبيهما.
* وفى هذا دليل
على أن الرجل الصالح يحفظ فى ذريته ، وتشمل بركة عبادته لهم فى الدنيا والآخرة
بشفاعته فيهم ، ورفع درجتهم إلى أعلى درجة فى الجنة ، لتقر عينه بهم كما جاء فى
القرآن ، ووردت به السنة. (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ
أَمْرِي) أى ما فعلت ما رأيت من خرق السفينة ، وقتل الغلام ،
وإقامة الجدار عن رأيى واجتهادى ، بل فعلته تنفيذا لأوامر الله وإلهامه.
*
وهنا سؤال يطرح نفسه .. ماذا كان فى الكنز؟ .. ولما حرص الخضر على إقامة الجدار
وستر ما فيه؟
قال عكرمة
وقتادة : «كان تحته مال مدفون» وهو ظاهر سياق الآية.
وقال ابن عباس
: «كان تحته كنز علم» وقال مجاهد : «صحف فيها علم».
وروى أبو ذر فى
حديث مرفوع : «إن الكنز الذى ذكره الله فى كتابه : لوح من ذهب مصمت مكتوب فيه : «عجبت
لمن أيقن بالقدر لم نصب ، وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك ، وعجبت لمن ذكر الموت لم
غفل؟
وروى ابن جرير
فى تفسيره بإسناد إلى الحسن البصرى ، يقول فى قوله (وَكانَ تَحْتَهُ
كَنْزٌ لَهُما) قال : «لوح من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم
، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن
يعرف الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئن إليها ، لا إله إلّا الله ، محمد رسول الله»