يوسف ـ عليهالسلام. (١)
قال كعب الأحبار : إن الله تعالى مثل لآدم ـ عليهالسلام ـ ذرّيته بمنزلة الذر ، فأراه الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ نبيّا نبيا ، وأراه فى الطبقة السادسة «يوسف» متوجا بتاج الوقار ، مؤتزرا بحلة الشرف ، مرتديا برداء الكرامة ، مقمصا بقميص البهاء ، وفى يده قضيب الملك ، وعن يمينه سبعون ألف ملك ، وعن يساره سبعون ألف ملك ، ومن خلفه أمم الأنبياء ، لهم زجل بالتسبيح والتقديس ، وبين يديه شجرة السعادة ، تزور معه حيثما زار ، وتحول معه حيثما حال.
فلما رآه آدم قال : إلهى من هذا الكريم ، الذى أبحت له بحبوحة الكرامة ، ورفعته الدرجة العالية ، قال : يا آدم .. هذا ابنك المحسود على ما آتيته ، يا آدم انحله ، قال آدم : قد أنحلته ثلثى حسن ذريتى.
ثم إن آدم ضم يوسف إلى صدره ، وقبله بين عينيه ، وقال : يا بنى لا نأسف ، فأنت يوسف (٢) فأول من سماه يوسف آدم ، فقسم الله تعالى من الجمال الثلثين ، وقسم بين العباد الثلث ، وذلك أن الله تعالى أحب أن يرى العباد ، إنه قادر على ما يشاء ، فأعطى يوسف من الحسن والجمال ما لم يعطه أحدا من الناس.
ويقال : إنه ورث الحسن من جده إسحاق بن إبراهيم ، وكان أحسن الناس ، وإسحاق هو «الضاحك» بالعبرانية ، وهو ورث الحسن عن أمه سارة ، فإن الله تعالى صوّرها على صورة الحور العين ، ولكن لم يعطها صفاءهن ، وأعطى يوسف من الحسن والجمال ، وصفاء اللون ، ونقاء البشرة ما لم يعطه أحدا من العالمين.
__________________
(١) قصص الأنبياء للثعالبى ص ١٠٩
(٢) اختلف العلماء فى معنى يوسف ، فقال أكثر الفقهاء : هو اسم عبرى ، فلذلك لا يجرى.
وقال بعضهم : هو اسم عربى ، قال أبو الحسن الأقطع ـ وكان حكيما ـ حين سئل عن يوسف ، فقال : الأسف فى اللغة : الحزن ، والأسيف : العبد ، واجتمعا ، فلذلك سمى يوسف. [ابن كثير ـ قصص الأنبياء : ٢٣٧]