فى حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع مخضبة بالدماء ، فيقولون : قهرنا
من فى الأرض ، وعلونا من فى السماء قسوا وعلوا ، فيبعث الله عليهم نغفا (أى دودا
كالذى يكون فى أنوف الإبل) فى أعناقهم ، فيهلكون. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فو الذى نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر
وتشكر شكرا من لحومهم» .
ومهما يكن من
سند مثل هذا الحديث ، فإن كثيرا من العلماء يعتبرونه من الإسرائيليات . المروية عن كعب الأحبار وغيره ، ويرون أن رفعها إلى
النبى صلىاللهعليهوسلم غلط وخطأ من بعض الرواة ، أو كيد يكيد به الزنادقة
اليهود للإسلام ، وإظهار رسوله بمظهر من يروى ما يخالف القرآن.
فالقرآن قد نصّ
بما لا يحتمل الشك ، على أنهم لم يستطيعوا أن يعلو السد ، ولا أن ينقبوه ، قال
تعالى : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ
يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) [الكهف : ٩٧]
*
وخير من تناول هذا الحديث بالتحليل والتوضيح الإمام الحافظ ابن كثير ، قال بعد أن
ذكر من رواه :
حديث «غريب لا
يعرف إلا من هذا الوجه ، وإسناده جيد قوى ، ولكن «متنه» فى رفعه إلى النبى نكاره ،
لأن ظاهر الآية : يقتضى أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ، ولا من نقبه ، لإحكام بنائه
وصلابته وشدته ، ولكن هذا قد روى عن كعب الأحبار ، «أنهم قبل خروجهم يأتونه
فيلحسونه ، حتى لا يبقى منه إلا القليل ، فيقولون غدا نفتحه ، فيأتونه من الغد وقد
عاد كما كان ، فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل ، فيقولون كذلك ، فيصبحون وهو
كما كان فيلحسونه ، ويقولون غدا
__________________