٢ ـ مسيرته فى سبيل الله :
* أما عن مسيرة ذى القرنين فى سبيل الله ، فقد استهدفت هدفين اثنين :
أولهما : إعلاء كلمة الله ، ونشر عقيدة التوحيد فى كل مكان.
وثانيهما : حماية الأقليات المؤمنة من طغيان الأكثريات الكافرة.
أما عن الهدف الأول : فيقول القرآن : (فَأَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً ، قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً. قالَ : أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً. وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ، فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى ، وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) [الكهف : ٨٥ ـ ٨٨]
(فَأَتْبَعَ سَبَباً) أى سلك طريقه الذى يسره الله له ، ما بين المشرق والمغرب ، أو أتبع طرفى الأرض ، منازلها ومعالمها وآثارها ، فسلك طريقا حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب ، وهو مغرب الأرض ، لأن الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فأمر مستحيل ، وما يذكره أصحاب القصاص والأخبار من أنه سار فى الأرض مدة ، والشمس تغرب من ورائه فشىء لا حقيقة له ، وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب ، واختلاق زنادقتهم وكذبهم.
(وَجَدَها) أى الشمس (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) أى رأى الشمس فى منظره تغرب فى البحر المحيط ، وهذا شأن كل ما انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب منه ، وهى لا تفارق الفلك الرابع الذى هى مثبتة فيه لا تفارقه.