وهى أمور جعلها بعض المفسرين من كلمات إبراهيم ، التى ذكرت فى القرآن الكريم فى قوله تعالى :
(وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) [البقرة : ١٢٤]. وقد قرّر الإسلام فيما بعد هذه الأمور جميعا وجعلها من السنن التى يقتدى بها ، ولا يصح التّخلى عنها. خاصة ما يتصل منها بشعائر الحج ومناسكه ، فهذه الشعائر والمناسك ترتبط أكثر ما ترتبط بما هو موروث عن الحنيفية السمحة ، ملّة إبراهيم ، يوم كلّف بها إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ، حين سأل ربّه أن يريه مناسك الحج : (وَأَرِنا مَناسِكَنا ، وَتُبْ عَلَيْنا ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة : ١٢٨] فأمره ربه أن يبنى الكعبة هو وابنه إسماعيل :
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة : ١٢٧] ثم علّمه ربه كيف يؤدى المناسك ..
يقول أبو الفدا : «ولما أمر الله إبراهيم عليهالسلام ببناء الكعبة ، وهو بيت الله الحرام ، سار من الشام ، وقدم على ابنه إسماعيل مكة ، وقال : يا إسماعيل : إن الله تعالى أمرنى أن أبنى له بيتا ، فقال إسماعيل : أطع ربك فقال إبراهيم : وقد أمرك أن تعيننى عليه ، قال : إذن أفعل ، فقام إسماعيل معه ، وجعل إبراهيم يبنيه وإسماعيل يناوله الحجارة ، وكانا كلما بنيا دعوا فقالا : ربّنا تقبّل منا إنّك أنت السّميع العليم. وكان وقوف إبراهيم على حجر وهو يبنى ، وذلك الموضع هو مقام إبراهيم ، واستمر البيت على ما بناه إبراهيم إلى أن هدمته قريش سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (١).
__________________
(١) انظر تاريخ أبى الفداء ـ قصة إبراهيم وبناء الكعبة. وانظر قصص الأنبياء للنيسابورى الثعلبى ص ٨٥