قوله تعالى : (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ؛) قال الكلبيّ : (يا أيّها العالم ، وكان السّاحر فيهم عظيما يعظّمونه ، ولم يكن «السّحر» صفة ذمّ ، وكان علماؤهم في ذلك الوقت السّحرة ، فكانوا يوقّرونه بهذا القول ، ولم يريدوا شتمه) (١).
وقوله تعالى : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ؛) أي سل ربّك بما عهد عندك فيمن آمن بك ليكشف العذاب عنّا ، والمعنى : بما عهد فيمن آمن به من كشف العذاب عنه ، (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) (٤٩) ؛ مؤمنون بك.
فدعا موسى ربّه فكشف عنهم فلم يؤمنوا ، فذلك قوله تعالى : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) (٥٠) ؛ العهد الذي عاهدوا موسى ، معناه : إذا هم ينقضون عهودهم.
قوله تعالى : (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ؛) إلى قوله : (قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٥١) ؛ يعني أنهار النّيل تجري من تحتي ؛ أي من تحت قصوري وفي بساتيني ، وقال الحسن : (بأمري) (٢) فعلى هذا معناه : من تحت أمري ، أفلا تبصرون عظمتي وشدّة ملكي وفضلي على موسى.
قوله تعالى : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ؛) أي بل أنا خير من هذا الذي هو ضعيف حقير ، يعني موسى ؛ وإنما وصفه بهذا لأنه كان يقوم بأمر نفسه ، ولم يكن أحد يقوم بأمره ، ومن ذلك المهنة ، وقوله تعالى : (وَلا يَكادُ يُبِينُ) (٥٢) ؛ أي لا يكاد يبين الكلام ، يعني أنه كان بلسانه لثغة من أثر العقدة التي كانت ، وكان مع ذلك بليغا مبينا.
قوله تعالى : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ؛) معناه : قال فرعون : هلّا ألقي على موسى أسورة من ذهب إن كان رسولا كما يسوّر الملوك رسلهم تعظيما لهم ، وكان آل فرعون يلبسون الأساور ، والأسورة جمع السّوار ، والأساور جمع الأسورة.
__________________
(١) ينظر نقولات القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٩٧.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٧٠.