هكذا في التفاسير أنّ المراد بالزّخرف الذهب ، إلّا أنّه في اللغة الزّخرف : كمال الزّينة (١) ، كما قال تعالى (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها)(٢) ، ويجوز أن يكون قوله (وَزُخْرُفاً) عطفا على قوله (مِنْ فِضَّةٍ) كأنّه قال : من فضّة وزخرفا ، إلّا أنه لمّا قال حذف (لِمَنْ) جعل نصبا (٣) ، وهذا إنما يكون على قول الكوفيّين.
قوله تعالى : (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ؛) من قرأ (لَمَّا) بالتشديد فالمعنى : ما كلّ ذلك إلّا متاع الحياة الدّنيا ، ومن قرأ بالتخفيف ف (ما) صلة زائدة ، والمعنى : وإن كلّ لما متاع الحياة الدنيا ، يتمتّع به إلى حين ثم يفنى ، وثواب (وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (٣٥) ؛ الكفر والفواحش ، والذي قرأ (لَمَّا) بالتشديد حمزة جعله في معنى إلّا ، وحكي عن سيبويه : نشدتك لمّا فعلت ، بمعنى إلّا فعلت.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [لو لا أن يجزع عبدي المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد ، ولصبّيت الدّنيا عليه صبّا](٤). قال (٥) : ومصداق ذلك قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ).
__________________
(١) نقله الزجاج عن زيد بن أسلم ، كما في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٣١٣.
(٢) يونس / ٢٤.
(٣) العبارة هكذا رسمت في المخطوط ، وفي معاني القرآن : ج ٣ ص ٣٢ ؛ قال الفراء : (وجاء في التفسير : نجعلها لهم من فضة ومن زخرف ، فإذا ألقيت (لِمَنْ) الزخرف ، نصبته على الفعل توقعه عليه ، أي وزخرفا ، تجعل ذلك لهم منه).
(٤) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٣٧٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...) وذكره. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ٦ ص ٨٨ ؛ قال القرطبي : (وقال كعب : إني أجد في كتب الله المنزلة : (لو لا أن يحزن عبدي المؤمن لكلّلت رأس عبدي الكافر بالإكليل لا يتصدع منه عرق بوجع).
(٥) القائل ابن عباس رضي الله عنهما ؛ كما في الدر المنثور : ج ٧ ص ٣٧٦ ؛ قال : (قد أنزل الله شبه ذلك في كتابه).