به في التّوراة ، وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٧٧) ؛ أي وإنّ القرآن لهدى من الضّلالة ورحمة من العذاب لمن آمن به.
وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ؛) أي يقضي بين المؤمنين والكافرين يوم القيامة بحكمة ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (٧٨) ؛ أي العزيز بالانتقام من الكفّار ، العليم بهم وبعقوبتهم ، ولا يمكن ردّ قضائه.
وقوله تعالى : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ؛) أي ثق بالله يا محمّد ، وفوّض أمرك إليه ، (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) (٧٩) ؛ أي على طريق الإسلام ، وهذا تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقوله تعالى : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ؛) هذا مثل للكفّار ، شبّه الله كفّار مكّة بالأموات ، تقول كما لا يسمع الميّت النداء ، كذلك لا يسمع الكافر النداء ، (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (٨٠) ؛ قال قتادة : (إنّ الأصمّ لو ولّى مدبرا وناديته لم يسمع ، كذلك الكافر لا يسمع ما يدعى إليه من الإيمان) (١) «والمعنى : أنهم لفرط» (٢) إعراضهم عن ما يدعون إليه من التوحيد كالميّت الذي لا سبيل إلى إسماعه ، وكالأصمّ الذي لا يسمع.
قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ ؛) أي وما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى وأعمى عن قلبه الإيمان ، وقيل : معناه : كما لا يمكن إرشاد الأعمى إلى قصد الطّريق بالأمارات الدالّة على الطريق ، كذلك لا يمكن هداية القوم الذين عميت بصائرهم عن آيات الله ، وليس على الرّسل عليهمالسلام إلّا الدعاء إلى الله تعالى.
وقرأ حمزة والأعمش : (وما أنت تهدي العمي) بالتّاء ونصب الياء على الفعل (٣) هاهنا وفي الرّوم.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٦٥٨١).
(٢) ما بين «» غير واضح في المخطوط ، وضبطت على عبارة البغوي في معالم التنزيل.
(٣) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٢٤٦.