وقوله : (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ؛) أي ثم يخرج بالمطر زرعا من بين أحمر وأصفر وأبيض وأخضر ، (ثُمَّ يَهِيجُ ؛) أي ييبس ، (فَتَراهُ ؛) بعد الخضرة ، (مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ ؛) الله ، (حُطاماً ؛) أي متكسّرا متفتّتا دقاقا ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٢١) ؛ أي الذي ذكر من صنع الله وقدرته لدلالة ذوي العقول على سرعة زوال الدّنيا ، وعلى قدرة الله على البعث بعد الموت.
قوله تعالى : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ؛) معناه : أفمن وسّع الله صدره لقبول الإسلام ، فهو على بيان وحجّة من رّبه يبصر به الحقّ من الباطل ، كمن طبع الله على قلبه فلم يهتد للحقّ لقسوته ، قال قتادة : (فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) : النّور هو كتاب الله تعالى ، فيه يأخذ وبه ينهى) (١).
وتقدير الآية : أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ، كمن قسي قلبه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : (تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله وما هذا الانشراح؟ قال : [إذا دخل نور القلب انشرح وانفسح] قلنا يا رسول الله ؛ وما علامة ذلك؟ قال : [الإنابة إلى دار الخلود ، والتّجافي عن دار الغرور ، والتّأهّب للموت قبل لقاء الموت](٢). قيل : إنّ هذه الآية نزلت في عمّار بن ياسر (٣) ، وقال مقاتل : (أفمن شرح الله صدره للإسلام يعني النّبيّ صلىاللهعليهوسلم).
قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ ؛) هم أبو جهل وأصحابه من الكفّار ، (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٢). وقيل : إنّ قوله (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) يعني عليّا وحمزة ، وقوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) هو أبو لهب وأولاده (٤). وقوله (مِنْ ذِكْرِ اللهِ) أي عن ذكر الله.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٣١٨٣).
(٢) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٢١٩ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود) وذكره.
(٣) نقله القرطبي في مقاتل ، كما في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٢٤٧.
(٤) ذكره أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٢٤٨.