وقال عطاء عن ابن عبّاس : (أنّ أبا بكر رضي الله عنه آمن بالنّبيّ صلىاللهعليهوسلم فصدّقه ، فجاء عثمان رضي الله عنه وعبد الرّحمن بن عوف وطلحة والزّبير وسعد وسعيد ، فسألوه فأخبرهم بإيمانه فآمنوا ، فنزل فيهم (فَبَشِّرْ عِبادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) أي يستمعونه من أبي بكر (فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) أي حسنه ، وكلّه حسن ، أولئك الّذين هداهم الله وأولئك هم ذوو العقول) (١).
وقوله تعالى : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ ؛) معناه : أفمن وجبت عليه كلمة العذاب بكفره كمن ليس كذلك ، (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) (١٩) ؛ أي سبق في علم الله أنه من أهل النار ، أفأنت تنقذه فتجعله مؤمنا ، يعني لا تقدر على ذلك.
قال عطاء : (يريد أبا لهب وأولاده ومن تخلّف من عشيرة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عن الإيمان به) (٢). قوله تعالى : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ ؛) بالإيمان والطاعة ، (لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ ؛) أي لهم منازل في الجنّة رفيعة وفوقها منازل أرفع منها ، (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ) (٢٠) ، وعدهم الله تلك الغرف والمنازل وعدا لا يخلفه.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ؛) يعني المطر ، (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ؛) أي فأجراه في الأرض ينابيع وهو جمع ينبوع ، والينبوع : المكان الذي ينبع منه الماء. قال مقاتل : معناه (فجعله عيونا وركايا (٣) في الأرض) (٤) وذلك أنّ أصل المياه الّتي في الأرض من السّماء.
__________________
(١) أيضا ذكره البغوي مختصرا في معالم التنزيل : ص ١١٢٣.
(٢) ذكره البغوي مختصرا في معالم التنزيل : ص ١١٢٣. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٢٤٤.
(٣) الرّكايا : أصلها (الرّكوة) وهي شبه تور من أدم ، وفي الصحاح : الرّكوة التي للماء وجمعها (ركاء) و (ركوات) بفتح الكاف. وهي إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء. وركا الأرض ركوا : حفرها. وركا ركوا : حفر حوضا مستطيلا. والرّكية : البئر تحفر ، والجمع ركيّ وركايا. ينظر : مادة (ركا) في لسان العرب.
(٤) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ١٣٠.