وقوله تعالى (وَغَرابِيبُ سُودٌ) يجوز أن يكون الغرابيب هي الجبال السّود ، كأنّه قال : ومن الجبال غرابيب ، والغرابيب الذي لونه كلون الغراب ، ولذلك حسن أن يقال سود ، وقال الفرّاء : (هذا على التّقديم والتّأخير ، تقديره : وسود غرابيب) (١).
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ؛) كاختلاف الثّمار والجبال ، وتمّ الكلام على ، (كَذلِكَ.)
قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ؛) قال ابن عبّاس : (معناه : إنّما يخافون من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وسلطاني) (٢) ، وقال مقاتل : (أشدّ الناس لله خشية أعلمهم به) (٣) ، وقال مسروق : (كفى بخشية الله علما ، وكفى بالاغترار بالله جهلا) (٤). قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ؛) أي عزيز قاهر وغالب في ملكه ، (غَفُورٌ) (٢٨) ؛ لذنوب المؤمنين.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ ؛) يعني القرآن في الصّلاة وغيرها ، (وَأَقامُوا الصَّلاةَ ؛) المفروضة ، (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً ؛) أي وأنفقوا مما أعطيناهم من الأموال تطوّعا سرّا فيسلموا بذلك عن تهمة الرّياء ، وفريضة جهرا فيسلمون بذلك عن تهمة المنع ، ويقال : أراد بذلك النفقة في الجهاد ، (يَرْجُونَ ؛) بذلك ، (تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) (٢٩) ؛ أي لن تكسد ولا يرد عليها الفساد والبطلان.
قوله تعالى : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ ؛) ليعطيهم أجر أعمالهم كاملة ، (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ؛) فوق ما يستحقّوه ، قال ابن عبّاس : (يعني سوى
__________________
(١) قاله الفراء في معاني القرآن : ج ٢ ص ٣٦٩.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٠٧٠.
(٣) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٧٦.
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٠٧١. وأدرج الناسخ في المتن سهوا عبارة الكشاف : «وفي الكشّاف : من قرأ (يخشى الله) بالرفع ونصب (العلماء) فمعنى يخشى الله العلماء). قاله الزمخشريّ».