وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ ؛) أي يسمع كلامه من يشاء ؛ أي يتّعظ ويهتدي ، قال عطاء : (يعني أولياءه الّذين خلقهم لجنّته). قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٢٢) ؛ أي كما لا تقدر تسمع من في القبور ، فكذلك لا تقدر أن تسمع الكفار ، شبّههم بالموتى لأنّهم لا ينتفعون كالموتى.
وقرأ أبو رزين العقيليّ (١) (ما أنت بمسمع من في القبور) بلا تنوين بالإضافة ، وقوله تعالى : (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) (٢٣) ؛ أي ما أنت إلّا رسول تنذرهم النار وتخوّفهم ، وليس عليك غير ذلك.
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٢٤) ؛ أي ما من أمّة إلّا سلف فيها نبيّ ،(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ ؛) فلست بأوّل رسول كذّب ، (فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ؛) الواضحات ، (وَبِالزُّبُرِ ؛) وهي الكتب ، وقوله تعالى : (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (٢٥) ؛ يعني التوراة. وقيل : إنّما كرّر الزبور هي الكتب أيضا لاختلاف صفات الكتاب ؛ لأن الزبور هو الكتابة الثابتة كالنّقرة في الصخرة ، ثم قال (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) الموصوف واحد والصفات مختلفة. وقوله تعالى : (ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؛) أي أخذتهم بالعقوبة ، (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٢٦) ؛ أي إنكاري عليهم وتعذيبي لهم.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ؛) يعني المطر ، (فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها ؛) وطعمها. قوله تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) (٢٧) ؛ أي وخلقنا من الجبال (جُدَدٌ بِيضٌ) أي طرق يكون في الجبال كالعروق بيض وسود وحمر ، واحدها جدّة ، قال المبرّد : (جُدَدٌ : طرق وخطوط ونحو هذا ، والجدد الجدّة ، وهي الطّريقة كالمدّة والمدد والعدّة والعدد ، وأمّا الجدد بضمّتين فهي جمع الجديد مثل سرير وسرر).
__________________
(١) ينظر : الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر : ج ٣ ص ٣٩٧ : الرقم (٢٢٦٦) : لقيط بن عامر العقيلي ، وهو وافد بني المنتفق إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.