ومنّا الّذي لاقى بسيف محمّد |
|
فجاس به الأعداء عرض العساكر |
وقيل : (فَجاسُوا) أي طلبوا من فيها كما تجاس الأخبار.
وقوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي المرّة الآخرة ، وهو قصدهم قتل عيسى حين رفع ، وقتلهم يحيى بن زكريّا عليهماالسلام ، فسلّط الله عليهم ططوس بن استيباتيوس فارس والرّوم حين قتلوهم وسبوهم ، فذلك قوله تعالى : (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ.)
قوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ؛) أي منفعة إحسانكم راجعة إليكم ، (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ؛) أي فإلى أنفسكم ، ولم يقل فإليها على جهة المقابلة للكلام الأول ، ومثل هذه الحروف قد تقام بعضها مقام بعض ، كما في قوله تعالى : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها)(١) أي إليها.
قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ؛) أي وعد المرّة الآخرة في الفساد ، (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ ؛) بالقتل والسّبي ، (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ ؛) أي مسجد بيت المقدس ، (كَما دَخَلُوهُ ؛) دخله بختنصّر وأصحابه ، (أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) (٧) ؛ أي وليخرّبوا ما علوا عليه تخريبا ، والتّبار والرّماد والهلاك بمعنى واحد.
ذلك أن الله سلّط عليهم بعد مائتين وعشرين سنة ططوس بن استيباتوس الرومي ، فحاصرهم وقتل منهم مائة ألف وثمانين ، وخرّب بيت المقدس ، وذلك بعد قتلهم يحيى عليهالسلام ، فلم يزل كذلك خرابا إلى أن بناه المسلمون ، فلم يدخله روميّ بعد ذلك إلا خائفا ، كما قال تعالى : (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ)(٢).
وذهب بعضهم إلى أن بختنصّر غزا بني إسرائيل مرّتين ، ففتح مدينتهم في المرّة الأولى ، وجاسوا خلالها يقتلون فيهم ، فتابت بنو إسرائيل إلى الله تعالى فأظهرهم الله تعالى على بختنصّر فردّ عنهم ، ثم بعث الله إلى بني اسرائيل (أرضيّا) النبيّ عليهالسلام ، فقام
__________________
(١) الزلزلة / ٥.
(٢) البقرة / ١١٤.