فيهم بوحي الله تعالى ، فضربوه وقيّدوه وحبسوه ، فسلّط الله عليهم بختنصّر مرّة أخرى ففعل ما فعل.
قوله تعالى : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ؛) أي بعد استقامة منكم ، (وَإِنْ عُدْتُمْ ؛) لمعصية ، (عُدْنا ؛) إلى العقوبة ، قال قتادة : (فعادوا فبعث الله عليهم محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، فعاد الله عليهم بالعقوبة بإدلالهم بأخذ الجزية والقتل ، فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون) (١). قوله تعالى : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (٨) ؛ أي محتبسا من قولك : حصرته فهو محصور إذا حبسته ، وقيل : فراشا ومهادا تشبيها بالحصير الذي يبسط ويفرش.
قوله تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ؛) أي يهدي للحالة التي هي أقوم الحالات ، والطريقة التي هي أصوب ، وقيل : يرشد إلى الكلمة التي هي أعدل الكلمات ، وهي كلمة التوحيد والطاعة لله تعالى والإيمان به وبرسله.
قوله تعالى : (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (٩) ؛ ثوابا عظيما وهو الجنّة ، (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٠) ؛ أي إنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة يبشّرهم بعذاب أليم وهو النار.
قوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ ؛) أي يدعو على نفسه وعلى ولده بالسّوء عند الضّجر والغضب ، فيقول : اللهمّ العنه اللهم أهلكه ونحو ذلك ، كدعائه ربّه بأن يهب له العافية والنّعمة ، ويرزقه السلامة في نفسه وماله وولده ، فلو استجاب الله له إذا دعاه باللعن والهلاك ، كما يستجاب له إذا دعاه بالخير لهلك ، ولكنّ الله تعالى بفضله لا يستجيب له ، ونظير هذا (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ)(٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٦٨٢ و ١٦٦٨٤).
(٢) يونس / ١١.