وأميمة ومقارة ، كان يكرههنّ على الزّنا ليكتسبن له بالفجور ، وكذلك كان أهل الجاهليّة يفعلون ، فأتت الجواري إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشكون إليه ذلك ، فأنزل الله هذه الآية).
قال مقاتل : (نزلت في ستّ جوار لعبد الله بن أبيّ سلول : معاذة ومسيكة وأميمة وعمرة وقتيلة وأروى ، فجاءته إحداهنّ ذات يوم بدينار ، وجاءت أخرى ببردة ، فقال لهما : ارجعا فازنيا ، وكان يؤجّرهنّ على الزّنا. فلمّا جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة : إنّ هذا الأمر الّذي نحن فيه قد آن لنا أن ندعه ، فقال لهما عبد الله بن أبي سلول : إمضيا فازنيا. فقالتا : والله ما نفعل ذلك قد جاء الله بالإسلام وحرّم الزّنا. ثمّ مضيا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشكيا عليه ، فأنزل الله هذه الآية) (١). ومعناها : ولا تكرهوا إماءكم على البغاء ؛ أي على الزّنا ، (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا ؛) من كسبهنّ وبيع أولادهن.
قوله تعالى : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) يعني إذا أردن تحصّنا ، خرج الكلام على وجه الحال لا على وجه الشّرط ، ونظيره قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)(٢) ، ويجوز أن يكون معناه : أن الكلام قد تمّ عند قوله (عَلَى الْبِغاءِ) ثم ابتدأ بالشّرط فقال : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) وجوابه محذوف ؛ تقديره : إن أردن تحصينا فقد أصبن ، ومثله قوله صلىاللهعليهوسلم لعائشة : [أدفئيني] قالت : إنّي حائض ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [وإن لم يردّ عليه] وأراد بذلك إن كنت حائضا فلا بأس بذلك (٣).
__________________
(١) ذكره مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٨١. وابن عطية في المحرر الوجيز : ص ١٣٩١. والبغوي في معالم التنزيل : ص ٩٠٨. وأصل الحديث أخرجه مسلم في الصحيح : كتاب التفسير : الحديث (٢٦ / ٣٠٢٩) عن جابر بن عبد الله. وذكر الطبري قصة الحديث في جامع البيان : الأثر (١٩٧٤٤ و ١٩٧٤٥).
(٢) الاسراء / ٣١.
(٣) لم أقف عليه بهذا اللفظ ، وكأنه معنى حديث الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يصلّي ، فوجد القرّ ، فقال : [يا عائشة أرخي عليّ قرطك] قالت : إنّي حائض ، قال : [إنّ حيضتك ليست في يدك]. ينظر : جامع المسانيد : ج ٣٤ ص ١٠٨ : الحديث (١٧٨). وفي مجمع الزوائد : ج ٢ ص ٤٩ ـ ٥٠ ؛ قال الهيثمي : (رواه أبو يعلى وإسناده حسن).