وقوله : (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ ؛) أي من يجبرهنّ على الزّنا ، ولم تقدر المكرهة على الدفع عن نفسها بوجه من الوجوه لم تأثم ، وإن صبرت عن الامتناع حتى قتلت كان أعظم لأجرها ، وإن قتلت دفعا عن نفسها كان لها ذلك. وقوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٣) ؛ أي غفور لمن تاب منهنّ ومات على التوبة ، غفور لمن تاب عن إكراههنّ على الزنا ، رحيم بهم.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ ؛) أي أنزلنا إليكم القرآن آيات ظاهرات واضحات لتعملوا بها. وقيل : يعني بذلك ما ذكر في هذه السّورة من الحلال والحرام. وقوله تعالى : (وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ؛) أي وأنزل فيها مثلا ؛ أي خبرا من خبر الذين مضوا من قبلكم لتعتبروا ، (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤) ؛ عن الشّرك والفواحش.
قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي الله هادي أهل السّموات وأهل الأرض بالآيات المبيّنات ، لا هادي فيهما غيره ، فبنوره الخلق يهتدون ، وبهداه من الضّلالة ينجون ، فلا يهتدي ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلّا بهداه.
وقال الضحّاك : (معناه الله منوّر السّموات والأرض) ، وقال مجاهد : (معناه : الله مدبر الأمور في السّموات والأرض) (١) ، وقال الحسن وأبو العالية : (الله مزيّن السّموات والأرض) ، يعني مزيّن السّموات بالشمس والقمر والنّجوم ، ومزيّن الأرض بالأنبياء والعلماء والمؤمنين.
قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ ؛) قال ابن عبّاس : (مثل نوره الّذي أعطاه المؤمنين) (٢) ، وقال السديّ : (مثل نوره الّذي في قلب المؤمن) ، وكان أبيّ يقرأ (مثل نور المؤمنين). وقيل : كان يقرأ (مثل نور من آمن به) (٣).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٩٧٥٥).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٩٧٦٢).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٩٧٥٧).