قوله تعالى : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ؛) قال الحسن : (كانت المرأة تمرّ على المجلس وعليها الخلخال ، فتضرب إحدى رجليها بالأخرى ليعلم القوم أنّ عليها الخلخال ، فنهين عن ذلك لأنّ ذلك ممّا يحرّك الشّهوة ؛ لأنّ سماع صوت الزّينة بمنزلة إبدائه). وفي هذا دليل أن صوت المرأة عورة ؛ لأن صوت خلخالها أقلّ من صوتها. وأما سوى مواضع الزينة فلا يحلّ النظر إليه إلّا للزّوج خاصّة.
قوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ؛) أي وتوبوا إلى الله جميعا عمّا كنتم في الجاهليّة تعملون من الخصال المذمومة ، واعملوا بطاعة الله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣١) ؛ وقوله تعالى : (أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) قرأ ابن عامر بضمّ (الهاء) ومنه (يا أيّه السّاحر) و (أيّه الثّقلان) ، وينبغي أن لا يؤخذ بقراءته.
قوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ ؛) أي تزوّجوهم ، والأيم اسم المرأة التي لا زوج لها ، والرجل الذي لا امرأة له ، يقال : رجل أيم وامرأة أيم ، كما يقال : رجل بكر وامرأة بكر ، وقال الشاعر :
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيّمي أكن |
|
مدى الدّهر ما لم تنكحي أتأيّم |
ويقال (١) : الأيم في النّساء كالعزب في الرّجال ، وجمع الأيم الأيامى.
قوله تعالى : (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ؛) أي وزوّجوا عبيدكم وإمائكم ، وهذا أمر ترغيب واستحباب. وفائدة ذكر الصالحين : أن المقصود من النكاح العفاف ، والصالح هو الذي يتعفّف. وقيل : الصلاح ها هنا الإيمان ، ثم رجع إلى الأحرار فقال : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ؛) فيه حثّ على النكاح ؛ لئلا يمتنعوا منه بسبب الفقر ، فإن الله هو الغنيّ والمغني ، إن يكونوا فقراء لا سعة لهم في التزويج (يغنيهم الله من فضله) أي يوسّع عليهم عند التزوّج.
__________________
(١) آم الرجل ـ بالمد ـ والمرأة وتأيّما : إذا لم يتزوجا بكرين أو ثيبين ، والشاهد الشعري اختلف الطبراني في نقله عن سائر المفسرين. ونقله ابن منظور في لسان العرب : ج ١ ص ٢٩٠ ، والمعنى : يقول لمحبوبته : إن تتزوجي أتزوج ، وإن لم تتزوجي لم أتزوج.