وعن عائشة رضي الله عنها : أنّ مخنّثا كان يدخل عليهنّ ، وكانوا يعدّونه من غير أولي الإربة ، فسمعه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو يقول في صفة امرأة : أنّها إذا أقبلت ؛ أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت ؛ أدبرت بثمان ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [أو هذا المخنّث يعرف هذا الكلام؟! لا أراه يدخل عليكنّ](١). وقال مجاهد وعكرمة والشعبيّ : (هم الّذين لا إرب لهم في النّساء) (٢) ، وقال قتادة : (هو الّذي يتبعك لأجل أن يصيب من طعامك ، ولا همّة له في النّساء) (٣). وقال مقاتل : (هو الشّيخ الهرم الّذي لا يستطيع غشيان النّساء ولا يشتهيهنّ) (٤).
وأما الخصيان فهم على وجهين : إن كان خصيّا قد جفّ ماؤه ، فهو من غير أولي الإربة ، وإن كان لم يجفّ ، فهو من أولي الإربة ، كما روي عن عائشة أنّها قالت : (إنّ الخصياء مثله ؛ وإنّها لم تحلّ ما حرّم الله). قوله تعالى : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ ،) قرأ ابن كثير والفرّاء بخفض (غَيْرِ) على الصفة ، وقرأ ابن عامر وعاصم بنصب (غير) على الاستثناء ، ويكون (غير) بمعنى إلّا ، وقيل : على الحال.
قوله تعالى : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ؛) يعني الصغير الذي لا رغبة له في النساء ، ولم يبلغ مبلغا يطيق إتيانهن ، وقد يذكر الطّفل بمعنى الجماعة ، والمراد به ها هنا : والجماعة من الأطفال. وأما الصبيّ الذي ظهرت له رغبة في النساء ، فحكمه حكم البالغ ، لقوله صلىاللهعليهوسلم في الصّبيان : [مروهم بالصّلاة إذا بلغوا سبعا ، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا ، وفرّقوا بينهم في المضاجع](٥).
__________________
(١) رواه البخاري في الصحيح : كتاب المغازي : باب غزوة الطائف : الحديث (٤٣٢٤). ومسلم في الصحيح : كتاب السّلام : باب منع المخنث من الدخول على النساء : الحديث (٢١٨٠).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٦٨٧) عن مجاهد ، و (١٩٦٨١) عن الشعبي.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الآثار (١٩٦٧٩ ـ ١٩٦٨٢).
(٤) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤١٧.
(٥) رواه أبو داود في السنن : كتاب الصلاة : باب متى يؤمر الغلام : الحديث (٤٩٥٠). والحاكم في المستدرك : كتاب الصلاة : الحديث (٧٣٤).