ولا ينبغي للمرأة الصالحة أن تنظر إلى المرأة الفاجرة ؛ لأنّها تصفها عند الرجل ، ولا تضع جلبابها ولا خمارها عندها ، ولا يحلّ لامرأة مؤمنة أن تنكشف أيضا عند مشركة أو كتابية إلّا أن تكون أمة لها ، فذلك قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ؛) وروي أنّ عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة : (أمّا بعد : فقد بلغني أنّ نساءكم يدخلن الحمّامات معهنّ نساء أهل الكتاب ، فامنع من ذلك). فلمّا أتى الكتاب إلى أبي عبيدة قام في ذلك المكان مبتهلا وقال : (اللهمّ أيّما امرأة تدخل الحمّام من غير علّة ولا سقم تريد البياض لوجهها ، فسوّد وجهها يوم تبيضّ الوجوه) (١).
قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) ذهب بعضهم إلى أن المراد به العبد ، فإنه لا بأس أن تظهر المرأة عند عبدها ما تظهر عند محارمها. وكان سعيد بن المسيّب يقول : (لا يغرّنّكم قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) فإنّها نزلت في الإماء دون العبيد) ، وعن مجاهد مثل ذلك ، كأنّهما ذهبا إلى أن المراد بقوله : (أَوْ نِسائِهِنَّ) الحرائر ، والمراد بقوله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) الإماء والولائد والصّغار من الذّكور المماليك.
قوله تعالى : (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ ؛) يعني الذين يتبعون النساء من الأجر العمّال الذين لا حاجة لهم في النّكاح ، وإنّما يخدمون القوم لينالوا من طعامهم ، والإربة فعلة من الإرب وهو الحاجة ، كالمشية من المشي. قال البعض : (هم قوم طبعوا على غير شهوة ، لا يشتهون ولا يعرفون ما يشتهى من النّساء ولا يشتهيهم النّساء) يعني : لا يشتهون ولا يشتهون. وقال سعيد بن جبير : (المعتوهون) ، وقال عكرمة : (هو المجنون) ، وقال الحكم بن إبان : (هم المخانيث الّذين لا إرب لهم في النّساء ، ولا تقوم لهم شهوة) (٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٦٧٣). وفي الدر المنثور : ج ٦ ص ١٨٣ ؛ قال السيوطي : (أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في سننه وابن المنذر).
(٢) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٦٨٩).