من المؤمنات.
وروي أنّ رجلا قال : يا رسول الله ؛ إنّ امرأتي لا تردّ يد لامس! فقال له النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [طلّقها] فقال : إنّي أحبّها ، وأخاف إن طلّقتها أن أصيبها حراما ، فقال له : [أمسكها إذا](١). إلّا أنّ هذا الحديث فيه خلاف الكتاب ؛ لأن الله تعالى أذن في نكاح المحصنات ، ثم أنزل الله في القاذف لامرأته آية اللّعان ، وسنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم التفريق بينهما ، ولا يجتمعان أبدا ، فكيف يأمره بالوقف على عاهرة لا تمتنع عمّن أرادها ، والحديث الذي ذكر لم يصحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم إن صحّ فتأويله أنّها امرأة ضعيفة الرّأي في تضييع مال زوجها ، فهي لا تمنعه من طالب ولا تحفظه من سارق ، وهذا التأويل أشبه بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم وأحرى لحديثه (٢). ويحتمل أن يكون قوله تعالى : (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) إشارة إلى الزّنا.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه : (أنّ هذه الآية نزلت في مرثد
__________________
(١) أخرجه أبو داود في السنن : كتاب النكاح : باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء : الحديث (٢٠٤٩) عن ابن عباس رضي الله عنهما. والنسائي في السنن : كتاب النكاح : باب تزويج الزانية : ج ٦ ص ٦٧ ـ ٦٨ ؛ وقال : (هذا الحديث ليس بثابت ، وعبد الكريم ليس بالقوي ، وهارون ابن رئاب أثبت منه وقد أرسل هذا الحديث ، وهارون ثقة وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم). قلت : فالحديث من طريق هارون أولى. ثم لا أظن أن الحديث في موضوع الزنا ، والأرجح موضوع المال والمحافظة عليه ، وهو كما قال الإمام الطبراني بعد في تأويله ، وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد وغيره.
(٢) ربما يقال : (لو كان المراد السخاء لقيل : لا تردّ يد ملتمس ؛ إذ السائل يقال له : الملتمس ، لا لامس. وأما اللمس فهو الجماع أو بعض مقدماته ، وأيضا السخاء مندوب إليه ، فلا تكون المرأة معاقبة لأجله مستحقة للفراق). وهذا الجواب يقبل الدور والجواب عليه ؛ لأن التأويل اللغوي محتمل وليس قطعيا ، فلا يصلح في الجواب لما فيه من خلاف ، لا سيما موضوع النص هو اليد وليس الفرج ، ومتعلق اليد السؤال غالبا ، وتناول المال. ثم لعمومات الشريعة في الباب يفهم النص على غير ما ذهب إليه البعض والله أعلم.