وجلوبة ؛ أي جلبت من موضع إلى آخر ، قال الحسن : (كلّ راكب في معصية الله فهو من خيل إبليس ، وكلّ ماش في معصية الله فهو من رجل الشّيطان) ، وقرأ حفص (وَرَجِلِكَ) بنصب الراء وكسر الجيم وهما لغتان ، أتبع كسرة الجيم كسرة اللام ، وهذا على طريق الإهانة لإبليس ، لا أنّ له خيلا ورجلا ، كما يقول الرجل لغيره : أجمع خيلك ورجلك وما أمكنك.
قوله تعالى : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ؛) شركته في الأموال أن يجعلوا شيئا من أموالهم لغير الله ، كما جعلوا من الحرث والأنعام ، وشركته في الأولاد أن سمّوا أولادهم : عبد يغوث ، وعبد شمس ، وعبد الحرب. وقال بعضهم : شركته في أولادهم أولاد الزّنى ، كذا قال مجاهد والضحّاك. ويقال شركته في الأموال كلّ ما أخذ من حرام وأنفق في حرام ، وشركته في الأولاد الذي يهوّداه أبواه وينصرّانه ويمجّسانه.
قوله تعالى : (وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) (٦٤) ؛ أي منّيهم بما شئت من الغرور : من طول الحياة ، والتّشكيك في البعث ، وما تكون مواعيد الشّيطان إلا غرورا ؛ أي تزيينا باطلا.
قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ؛) أي «إلّا» (١) في الوسوسة ، فإما أن يمنعهم عن الطاعة ، أو يحملهم على المعصية فلا ، وقيل : معناه : إنّ أوليائي ليس لك عليهم حجّة. قوله تعالى : (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (٦٥) ؛ أي حافظا لأوليائه يعصمهم عن القبول من إبليس ؛ لأن الوكيل بالشيء يكون حافظا له.
ثم ذكر سبحانه نعمه على عباده فقال :
قوله تعالى : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ ؛) أي ربّكم الذي يسوق لكم ، ويجري لكم السّفن في البحر ، (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ؛) أي لتطلبوا ما كان مصلحة لكم في دنياكم وآخرتكم من التّجارة وغيرها ، (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٦٦) ؛ حين أنعم عليكم بهذه النّعم.
__________________
(١) (إلا) سقطت من المخطوط.