قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ ؛) علما وقدرة فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج عن مشيئته ، وهو مانعك منهم وحافظك ، فلا تتهيّب وتخاف منهم ، وامض بما أمرت به من تبليغ الرّسالة ، وقال مقاتل : (معناه : أحاط بالنّاس ؛ أي أهل مكّة أنّها ستفتح لك) (١).
قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ؛) قال أكثر المفسّرين : يعني ما ذكر في أوّل هذه السّورة من الإسراء في ليلة واحدة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى على معنى أنّها شدّة من التكليف ، كما روي أنّ المشركين استعظموا ذلك وكذبوه ، فيكون معنى الرّؤيا رؤية العين.
قوله تعالى : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ؛) أي وما جعلنا الشجرة الملعونة إلّا فتنة للناس ، والشجرة الملعونة : شجرة الزّقّوم ، يقول العرب : لكلّ طعام منار معلوم ، وسمّوها فتنة ؛ لأنّهم قالوا : إنّ النار تأكل الشجرة ، فكيف تنبت الشجرة في النار؟!
وقال ابن الزّبعرى : (ما نعلم الزّقّوم إلّا التّمر والزّبد) فهذا الكلام منهم هو فتنتهم ؛ أي فتنوا بذلك. قوله تعالى : (وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) (٦٠) ؛ أي نخوّفهم بما نرسل الآيات ، فما يزدادون إلا تجاوزا عن الحدّ.
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ،) قد تقدّم تفسير ذلك. وقوله تعالى : (قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) (٦١) ؛ أي قال إبليس : أأسجد لآدم وهو مخلوق من طين؟ وهذا استفهام بمعنى الإنكار ، ونصب (طِيناً) على الحال.
قال الله تعالى حاكيا عن إبليس : (قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) أي قال إبليس : أخبرني عن هذا الذي كرّمته عليّ ، لم كرّمته عليّ ، وقد خلقتني من نار وخلقته من طين؟! اعتقد إبليس أنّ النار أكرم أصلا من الطين.
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٢٦٣ : تفسير الآية.