من قرية) : وما من قرية ، قال ابن مسعود : (إذا ظهر الزّنى والرّبا في قرية أذن الله في هلاكها) (١) ، وقال مقاتل : (أمّا الصّالحة فبالموت ، وأمّا الطّالحة فبالعذاب) (٢).
قوله تعالى : (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٥٨) ؛ أي قضاء من الله ، كما يسمعون ليس منه بدّ ، وقيل : كان ذلك في اللّوح المحفوظ مكتوبا ، فإنه مكتوب فيه كيف يهلكهم الله ، ومتى يهلكهم ، وبأيّ عذاب يهلكهم.
قوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) وذلك أنّ قريشا قالت للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : حوّل لنا الصّفا ذهبا ، ونحّ الجبال عنّا لننفسح ، فأنزل الله هذه الآية ؛ أي إن حوّلته فلم يؤمنوا لم أمهلهم لسنّتي في من قبلهم.
وموضع (أن) الأولى نصب بتكذيب الأوّلين برفع المنع عليه ، وموضع (أن) الثانية رفع تقديره : وما منعنا الإرسال بالآيات إلا تكذيب الأوّلين بها ، وهذا اللفظ أغنى عن لفظ المنع على طريق المجاز ؛ لأن المنع لا يجوز على الله تعالى.
قوله تعالى : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ؛) أي أخرجنا لثمود الناقة ليبصروا بها الهدى من الضّلالة ، والسعادة من الشقاوة ، (فَظَلَمُوا بِها ؛) أي جحدوا بها وعقروها. قوله تعالى : (وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) (٥٩) ؛ أي العبر والدلالات إلا تخويفا للعباد ليؤمنوا ، فإذا لم يفعلوا عذّبوا.
قال قتادة : (يخوّف الله الخلق بما شاء من آية لعلّهم يعتبرون أو يرجعون ، ذكر لنا أنّ الكوفة رجفت على عهد عبد الله بن مسعود فقال : يا أيّها النّاس إنّ الله يستعتبكم فاعتبوه) (٣). وعن الحسن في قوله : (وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) قال : (الموت الذريع) (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٩٠٢).
(٢) في تفسير مقاتل بن سليمان : ج ٢ ص ٢٦٢ ؛ قال : (أما الصالحة ؛ فلهلاكها بالموت. وأما الطالحة ؛ فيأخذها العذاب في الدنيا).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٩١١).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٩١٢).