إليهم ، وإنما أختارهم لعلمه بباطنهم ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ.)
قال قتادة : (اتّخذ الله إبراهيم خليلا ، وكلّم الله موسى تكليما ، وجعل عيسى كلمته وروحه ، وآتى سليمان ملكا لا ينبغي لأحد ، وغفر لمحمّد ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر) (١). قوله تعالى : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (٥٥) ؛ يعني كتابه الذي أعطاه إياه ، وهو مائة وخمسون سورة ، ليس فيها حكم ولا فريضة ، وإنما هو ثناء على الله تعالى.
قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ؛) أي قال المفسّرون : ابتلى الله كفار مكّة بالقحط سنين ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله هذه الآية ؛ أي قل للمشركين : ادعوا الذين زعمتم أنّهم آلهة ، (فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ) أي البؤس والشدّة ، (عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) (٥٦) التحويل : النّقل من حال الى حال.
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ؛) معناه : أولئك الذين يدعون إلى الله في طلب الجنّة ، ويطلبون التقرّب إليه ، فكيف تعبدونهم أنتم. والوسيلة : القربة إلى الله تعالى.
قوله تعالى : (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) أي أقرب إلى الله بالوسيلة ، يعني يتقرّبون إليه بالعمل الصالح ، وعن ابن مسعود في تفسير هذه الآية : (أنّ قوما من الإنس كانوا يعبدون قوما من الجنّ ، فأسلم الجنّ وبقي الإنس على كفرهم ، فأنزل الله هذه الآية) (٢).
وقوله تعالى : (يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) أي يطلبون أن يعلموا أيّهم أقرب إلى الله. قوله تعالى : (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ؛) أي يريدون جنّته ، (وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً ؛) أي مما يجب أن يحذر عنه.
قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً ؛) يعني بالموت أو معذّبوها بعذاب الاستئصال ، ومعنى (وإن
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٨٨٧).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٨٩٠).