قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ ؛) أي كيف وصفوا لك الأشباه ، فشبّهوك بالمجنون والكاهن والساحر ، (فَضَلُّوا ؛) عن الحقّ ، (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) (٤٨) ؛ مخرجا عن الضّلال إلى الهدى.
قوله تعالى : (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً ؛) أي إذا صرنا عظاما بالية وصرنا ترابا ، (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ؛) لنبعث بعد ذلك ؛ (خَلْقاً جَدِيداً) (٤٩) ؛ أي أنبعث بعد ذلك؟ وهذا استفهام إنكار وتعجّب منهم. والرّفات في اللغة : كلّ شيء يحطّم ويكسّر ، قال ابن عبّاس : (يقولون : إذا ذهب اللّحم والعروق وتفتّت عظام قد بلت ، فإذا مسّيته بين يديك انسحق ، أنبعث بعد ذلك).
قوله تعالى : (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) (٥٠) أي قل لهم يا محمّد : كونوا حجارة إن قدرتم عليها ، أو أشدّ منها بأن تكونوا حديدا ، أو أقوى من الحديد ؛ (أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ؛) أو أيّ شيء من الخلق نحو السّموات والأرض والجبال ، فإنّي أعيدكم لا محالة إلى ما كنتم عليه من قبل.
قوله تعالى : (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا) أي إذا قلت لهم ذلك فسيقولون لك : من يعيدنا؟ (قُلِ ؛) لهم : يعيدكم ، (الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ؛) لأنّ من قدر على البناء كان على الهدم أقدر ، ومن قدر على ابتداء الشيء كان على إعادته أقدر.
قوله : (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ ؛) أي فسيحرّكون إليك رؤوسهم تعجّبا لقولك ، والإنغاض : تحرّك الرأس بالارتفاع والانخفاض على جهة الاستهزاء والاستبطاء ، (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ ؛) أي متى تكون الإعادة ، (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) (٥١) ؛ أي قل عسى أن تكون الإعادة قريبة ، و (عَسى) من الله واجبة ، (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ؛) في النّفخة الثانية ، فتجيبون داعي الله حامدين لله ، قال سعيد بن جبير : (يخرجون من قبورهم يقولون : سبحانك وبحمدك ، ولا ينفعهم في ذلك اليوم ؛ لأنّهم حمدوا حين لا ينفعهم الحمد).
قوله : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) (٥٢) ؛ أي تظنون أنّكم لم تلبثوا في الدّنيا إلا قليلا لسرعة انقلاب الدّنيا إلى الآخرة ، كما قال الحسن : (كأنّك بالدّنيا ولم تكن ، وبالآخرة ولم تزل).