الإيمان بالقرآن ، ولا ينفع بدون الإيمان به وبمحمّد صلىاللهعليهوسلم. وقوله تعالى : (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) (٩٢) ؛ أي يداومون على الصلوات الخمس بركوعها وسجودها ومواقيتها.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ ؛) قال ابن عبّاس : (نزلت هذه الآية في مالك بن الصّيف ومسيلمة الكذاب الّذي كان يدّعي النّبوّة ، وفي عبد الله بن سعد بن سرح القرشيّ ، كان عبد الله بن سعد يتكلّم بالإسلام ، وكان يكتب للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم القرآن الّذي ينزل عليه في بعض الأحيان ، وكان إذا أملى عليه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّ الله عزيز حكيم ، كتب من قلبه : أنّ الله غفور رحيم ، وقال : هذا وذاك سواء.
فلمّا نزلت الآية الّتي في سورة قد أفلح : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) إلى قوله تعالى : (فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً)(١) ، ثمّ أملاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا أملى عليه قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) عجب عبد الله بن سعد من تفصيل خلق الإنسان ، فجرى على لسانه : فتبارك الله أحسن الخالقين ، فقال صلىاللهعليهوسلم : أكتب ، هكذا أنزل عليّ. فشكّ عبد الله حينئذ ، وقال : لئن كان محمّد صادقا فقد أوحي إليّ كما أوحي إليه ، ولإن كان كاذبا فلقد قلت كما قال. فأنزل الله هذه الآية) (٢).
ومعناها : أيّ أحد أكفر وأشدّ غبنا في كفره ممن اختلق على الله كذبا ، بأن جعل له شريكا وولدا كما قال المشركون ومالك بن الصيف : (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) ، والمراد بالذي (قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) مسيلمة الكذاب وكان يسجع ويتكهّن ويدّعي النبوّة ويزعم أنّ الله أوحى إليه. وأما عبد الله بن سرح فارتدّ
__________________
(١) المؤمنون / ١٢ ـ ١٤ : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَر).
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٤٠ ؛ قال القرطبي : ((رواه الكلبي عن ابن عباس)). وفي جامع البيان أخرجه الطبري عن عكرمة في الأثر (١٠٥٦٢) ، وعن السدي في الأثر (١٠٥٦٣).