قوله تعالى : (وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً ؛) معناه : وهدينا إسماعيل واليسع ؛ وهو تلميذ إلياس وخليفته من بعده. وقال محمد بن إسحق : (هو ابن أخي موسى عليهالسلام). و (اليسع) فيه قراءتان : بالتشديد والتخفيف (١) ، (وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) (٨٦) ؛ أي وكلّ هؤلاء الأنبياء فضّلناهم بالنبوّة والإسلام على عالمي زمانهم.
قوله تعالى : (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ ؛) أي هدينا بعض آبائهم من قبلهم مثل آدم وشيت وإدريس ، وبعض ذرياتهم من بعدهم ؛ وهم أولاد يعقوب. ومن جملة ذرياتهم نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم. وقوله تعالى : (وَإِخْوانِهِمْ) هم أخوة يوسف في عصرهم ، ويحتمل أن يكون المراد بهم كلّ من آمن معهم ، فإنّهم كلّهم داخلون في هداية الإسلام.
وقوله تعالى : (وَاجْتَبَيْناهُمْ ؛) أي اصطفينا هؤلاء الأنبياء بالنبوّة والإخلاص ، وجمعنا فيهم خصال الاجتباء ؛ مأخوذ من قولهم : جبيت الماء في الحوض واجتبيته ؛ إذا جمعته. وقوله تعالى : (وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٨٧) ؛ أي أثبتناهم على طريق الحقّ وهو دين الإسلام.
قوله عزوجل : (ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ؛) أي إنّ ذلك الطريق المستقيم دين الله يوفّق له من يشاء ممّن كان أهلا لذلك ، (وَلَوْ أَشْرَكُوا) ؛ أي لو أشرك هؤلاء الأنبياء طرفة عين مع اصطفاء الله تعالى إيّاهم ، (لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما) ؛ أي لبطلت أعمالهم التي ؛ (كانُوا يَعْمَلُونَ) (٨٨) ؛ من الطاعة ، فكيف أنتم يا أهل مكّة؟!
__________________
ـ يكن من ذرّيّة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم. فقال يحيى : كذبت! فقال : لتأتيني على ما قلت ببيّنة ، فتلا (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) إلى قوله (وَعِيسى وَإِلْياسَ) فأخبر تعالى أنّ عيسى من ذرّيّة إبراهيم بأمّه. قال : صدقت».
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٣٢ ؛ قال القرطبي : (وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو وعاصم :
(واليسع) بلام مخففة. وقرأ الكوفيون إلا عاصما : (واللّيسع) وكذا قرأ الكسائي) وفي القراءة آراء كثيرة.