قوله عزوجل : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ ؛) أي تلك المقالة التي حاجّ بها إبراهيم حجّتنا أعطيناها ولقّنّاها إبراهيم ؛ ليحتجّ بها على قومه ، (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ ؛) في الدّنيا بالحجّة والنّصرة ، وفي الآخرة بالثواب والفضيلة. ومن قرأ (درجات) بالتنوين لا على الإضافة فمعناه : نرفع من نشاء درجات ، (إِنَّ رَبَّكَ ؛) يا محمّد : (حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (٨٣) ؛ في تفضيل بعض الناس على بعض ، وتخصيص بعضهم بالنّبوّة.
قوله عزوجل : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا ؛) أي وهبنا لإبراهيم إسحق نبيّا لصلبه ويعقوب نافلة ، (كُلًّا) يعني أنّ إبراهيم وإسحق ويعقوب هديناهم للنّبوة والإسلام (وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ)(١) من قبل إبراهيم ، (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ) ؛ أي ومن ذريّة نوح ، وهذا قول بعضهم ؛ جعلوا الهاء راجعة إلى نوح ؛ لأنّها أقرب إلى اسمه ؛ ولأنه ذكر في جملة المعطوفين على داود وسليمان ممّن ليس من ذريّة إبراهيم وهو من ذريّة نوح كيونس عليهالسلام وكلوط عليهالسلام الذي كان ابن أخ إبراهيم ولم يكن من ولده.
وقال بعضهم : هي راجعة إلى إبراهيم ؛ لأنه هو المقصود بالذّكر فيما تقدّم من الآية ، (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٨٤) ؛ أي كما تفضّلنا على هؤلاء الأنبياء بالنبوّة وما يتصّل بها من العزّ والكرامة ، كذلك نتفضّل على المحسنين.
قوله تعالى : (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٨٥) ؛ معناه : ومن ذريّة إبراهيم (زَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ) المرسلين. قال الضّحاك : (كان إلياس من ولد إسماعيل بن إبراهيم). وقال بعضهم : معنى الآية : وهدينا (زَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ.) وفي الآية حجّة على من أنكر في الحسن والحسين أنّهما أبناء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه تعالى جعل عيسى ـ ولا أب له ـ من ذريّة إبراهيم (٢).
__________________
(١) سقطت من المخطوط وأثبتت لاقتضاء المعنى وضرورة السياق.
(٢) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٣١١ ؛ قال السيوطي : ((وأخرج أبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن عبد الملك بن عمير قال : دخل يحيى بن يعمر على الحجّاج ، فذكر الحسين فقال الحجّاج : لم