قوله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي ؛) أي هذه الدّعوة ديني ، وإنما قال : (هذه) لأن السبيل يذكّر ويؤنّث ، (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ ؛) على معرفة منّي بالله تعالى ، وقوله تعالى : (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ؛) معناه : يدعو إلى الله ، (وَسُبْحانَ اللهِ) أي وقل : سبحان الله ، (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٨) ؛ أي لست معهم على دينهم.
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) أي وما أرسلنا من قبلك يا محمّد إلا رجالا منسوبين إلى القرى مثلك يوحى إليهم كما يوحى إليك ، قال الحسن : (لم يرسل الله امرأة ولا رسولا من أهل البادية ؛ وذلك لأنّ أهل الأمصار يكونون أثبت عقولا من أهل البادية ، وأشدّ أحلاما منهم).
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ؛) يعني أفلم يسير أهل مكة في الأرض ، (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ ؛) فيروا آثار ديار ، (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ؛) من الكفّار فيخافون ما ينزل بهم من عذاب الله وما نزل بأولئك.
قوله تعالى : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ ؛) (١٠٩) يعني قوله (دار الآخرة) الجنّة (خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) الكفر والفواحش (أَفَلا يَعْقِلُونَ) معناه : أفليس لهم ذهن الإنسانية أنّ الآخرة الباقية خير من الدنيا الفانية ، وأضاف الدار إلى الآخرة على سبيل إضافة الشيء إلى نفسه كما يقال يوم الجمعة.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ؛) أي حتى إذا يئس الرسل عن إجابة الأمم وأيقنوا أن القوم ، (قَدْ كُذِبُوا ؛) تكذيبا لا يرجعون عنه ، (جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ ؛) بإهلاك قومهم ، ومن قرأ (كذبوا) بالتخفيف فمعناه : وظنّ المرسل إليهم أن الرّسل قد كذبوهم في ما أوعدوهم من العذاب. قوله تعالى : (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (١١٠) ؛ أي لا يردّ عذابنا عن الكافرين.
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ؛) أي لقد كان في قصص من تقدّم من الأنبياء عبرة لذوي العقول من الناس. وقيل : إن قصة يوسف وإخوته عبرة لمن أراد أن يعتبر فيصبر على البلاء والمحن ، كما صبر يعقوب