تجهّلون) (١) ، وعن مجاهد : (لو لا أن يقولوا ذهب عقلك) (٢) ، وقال الضحّاك وابن جبير : (لو لا أن تكذّبون) ، وقيل : لو لا أن تقولوا إنّي شيخ خرف ، وقال أبو عبيدة : (تضلّلون) ، والفند الفساد ، قال الشاعر (٣) :
يا صاحبيّ دعا لومي وتفنيدي |
|
فليس ما فات من أمري بمردود |
وفي بعض الرّوايات : أنّ ذلك القميص كان من الجنّة ، وكان الله ألبسه إبراهيم حين ألقي في النار فصارت عليه بردا وسلاما ، ثم كساه إبراهيم اسحق وكساه يعقوب ، وكان يعقوب أدرج ذلك القميص في قصبة وعلّقه على يوسف لما كان يخاف عليه من العين. وأمره جبريل أن أرسل إليه قميصك هذا فإن فيه ريح الجنّة ، لا يقع على مبتلى أو سقيم إلا عوفي ، فلذلك أصاب يعقوب ريحه من بعد ثمانية أيّام ، (قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (٩٥).
قوله تعالى : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ؛) البشير هو يهودا ، وذلك أن يهودا قال ليوسف : أنا ذهبت بالقميص وهو ملطّخ بالدم إليه ، فأنا أذهب بالقميص إليه فأخبره بأنّك حيّ وأفرّحه كما أحزنته ، فكان هو البشير ، فحمل القميص وخرج حاسرا حافيا ، وكان معه سبعة أرغفة لم يشوّق أكلها حتى بلغ كنعان ، وكانت المسافة ثمانين فرسخا ، فلما أتاه ألقاه على وجهه فارتدّ بصيرا.
قال الضحّاك : (رجع بصره بعد العمي ، وقوّته بعد الضّعف ، وشبابه بعد الهرم ، وسروره بعد الحزن) ، ثم قال يعقوب للبشير : على أيّ دين تركت يوسف؟ قال : على الإسلام ، قال : الآن تمّت النعمة. قوله تعالى : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٩٦) ؛ أي ألم أقل لكم إن يوسف حيّ ، وكنتم لا تعلمون ذلك.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٥١١٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٥١٢٠).
(٣) هانئ بن شكيم العدوي ، ينظر : جامع البيان : تفسير الآية.