في الجنّة ؛ وذلك قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا)(١) يعني أريناه مكانه في الجنّة) (٢).
وقيل : معنى الآية : كما أرينا إبراهيم قبح ما كان عليه أبوه وقومه من المذهب ؛ كذلك نريه ملكوت السموات والأرض. والملكوت : عبارة عن أعظم الملك ؛ زيدت الواو والتاء للمبالغة ؛ كما يقال : رهبوت خير من رحموت ، هذا مثل يقوله العرب ؛ معناه : لئن ترهب خير من أن ترحم. فملكوت السموات : الشمس والقمر والنجوم ؛ وملكوت الأرض : الجبال والشجر. وقوله تعالى : (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٧٥) ؛ أي نريه الملكوت ليستدلّ بذلك على توحيد الله ويثبت على اليقين.
قوله عزوجل : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) قال المفسرون : إنّ إبراهيم ولد في زمان النّمرود بن كنعان ، وكان النمرود أول من دعا الناس إلى عبادته ، وكان له كهّان ومنجّمون ، فقالوا له : إنه يولد في هذه السنة غلام يغيّر دين أهل الأرض ، ويكون هلاكك وزوال ملكك على يديه.
قال السديّ : (رأى النّمرود في منامه كأنّ كوكبا طلع فذهب بضوء الشّمس والقمر حتّى لم يبق لهما ضوءا ، ففزع من ذلك ودعا السّحرة والكهّان ؛ وسألهم عن ذلك فقالوا : هو مولود يولد في ناحيتك في هذه السّنة ؛ يكون هلاكك على يديه. فأمر بذبح كلّ غلام يولد في ناحيته في تلك السّنة ، وأمر الرّجال باعتزال النّساء ، وجعل عليهم الحرّاس ، فمكث كذلك ما شاء الله).
قال السديّ : (خرج النّمرود بالرّجال إلى العسكر ، ونهاهم عن النّساء مخافة من ذلك المولود ، فبدت له حاجة إلى المدينة ، فلم يأتمن عليها أحدا من قومه إلّا
__________________
(١) العنكبوت / ٢٧.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٤٧٧) عن مجاهد بأسانيد. وفي الدر المنثور : ج ٣ ص ١٠٣ ؛ قال السيوطي : ((أخرجه آدم بن ابي إياس وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء عن مجاهد)) ؛ وقال : ((أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي)) وعنه أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٤٧٩).