قوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً ؛) أي اذكر يا محمّد إذ قال إبراهيم لأبيه آزر ، من قرأ (آزر) بالنصب فموضعه خفض بدل من (أبيه) إلا أنه لا ينصرف ؛ لأنه اسم أعجميّ ، ومن رفعه فعلى النداء ؛ أي يا آزر (١). وكان آزر مسكنه (كوت) قرية من سواد الكوفة.
قال السّدّيّ والحسن : (آزر اسم لأبي إبراهيم) (٢). وقال الفرّاء : (هو صفة عيب وسبّ ؛ ومعناه في كلامهم : المعوجّ) (٣). وقيل : معناه : الشيخ لهم. وقيل : قال إبراهيم لأبيه المخطئ ، أو قال لأبيه : يا مخطئ. وكان على هذا القول اسم أندتارخ بن ياجوراء. وقال سعيد بن المسيب ومجاهد : (آزر اسم صنم) (٤) وهو على هذا التأويل في موضع نصب ، وفي الكلام تقديم وتأخير ؛ تقديره : اتّخذ آزر أصناما آلهة من دون الله.
وقيل : كان إبراهيم قال لأبيه : لا تتّخذوا آزر إلها ، أتتّخذ أصناما آلهة ، (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ ؛) عن الحق ؛ (مُبِينٍ) (٧٤) ؛ أي ظاهر الضّلالة في ذهاب عن الحقّ بيّن.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي كما أرينا إبراهيم النصرة في دينه والحقّ في مخالفة قومه ؛ نريه ملكوت السّماوات والأرض ؛ أي ملكها ونريه القدرة التي يقوّي بها دلالته على توحيد الله تعالى ، وهو ما رأى من السماء والأرض والكواكب والقمر والشمس.
وقال مجاهد وسعيد بن جبير : (معنى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي آيات السّموات والأرض ؛ وذلك أنّه أقيم على صخرة وكشف له عن السّموات والأرض حتّى العرش وأسفل الأرضين ، ونظر إلى مكانه
__________________
(١) نقله الفراء في معاني القرآن : ج ١ ص ٣٤٠ ، وقال : (هو وجه حسن).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٤٦٨) عن السدي. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٢٢ ؛ نقله القرطبي عن الحسن.
(٣) في معاني القرآن : ج ١ ص ٢٤٠ ؛ قال الفراء : (وقد بلغني أنّ (آزر) في كلامهم : معوجّ ، كأنه عابه بزيغه وبعوجه عن الحق).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٠٤٧١) عن مجاهد ، والأثر (١٠٤٧٢) عن السدي.