واحد) (١). ثم رجع إلى علمه ، (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ؛) أي ما القضاء إلا لله ، (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ؛) إليه فوّضت أمري وأمركم مع التمسّك بطاعته والرضا بقضائه ، (وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (٦٧).
واختلف العلماء في أمر العين ، فقال بعضهم : هي حقّ ، واستدلّوا بما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه عوّذ الحسن والحسين ورقّى لهما من العين (٢) وقال [وأعيذكما بالله من كلّ عين لامّة](٣) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : [والعين حقّ](٤). وقال بعضهم : إنه يمتدّ من عين الناظر أجزاء ، فتتصل (٥) بما يستحسنه فتؤثّر فيه كتأثير اللّسع من النار والسّمّ.
وأنكر بعض العلماء الإصابة بالعين ؛ لأنه لا شبهة في أنّ الأمراض والأسقام لا تكون إلا من فعل الله ؛ لأن الإنسان لا يقدر على ذلك. وفي قوله : (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) بيان أنه لا ينفع حذر من قدر.
قوله تعالى : (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ؛) أي لمّا دخلوا مصر من أبواب متفرّقة ، وكان لمصر أربعة أبواب ، فدخلوها من أبوابها كلّها كما أمرهم. قوله تعالى : (ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ ؛) أي ما كان يغني يدفع عنهم شيئا من قضاء الله ، يعني : لو قدّر الله أن تصيبهم العين لأصابتهم.
قوله تعالى : (إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها ؛) وهي دخولهم مصر من أبواب متفرّقة. قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ ؛) أي إن يعقوب
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٨٩٧).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢٤ ص ١١٣ عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، في ابني جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه : الحديث (٣٧٥ ـ ٣٧٧). وأخرجه مسلم في الصحيح : كتاب السّلام : باب استحباب الرقية : الحديث (٦٠ / ٢١٩٨).
(٣) أصله عند البخاري في الصحيح : كتاب أحاديث الأنبياء : الحديث (٣٣٧١). وأخرجه أبو داود في السنن : كتاب السنة : باب في القرآن : الحديث (٤٥٣٧).
(٤) أخرجه الإمام مالك في الموطأ : كتاب العين : باب الوضوء من العين : ج ٢ ص ٩٣٨. والإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ٣٨٦. والطبراني في المعجم الكبير : ج ٦ ص ٨٢ : الحديث (٥٥٨٠) وإسناده صحيح.
(٥) في المخطوط : (أمر بنصل) وهو تصحيف.